موقف المسلمين من رسالتهم إن التاريخ ـ كما هو معروف ـ ذاكرة الأمة، ومستودع تجاربها ومعارفها، وهو عقلها الظاهر والباطن! وخزانة قيمها ومآثرها، وأساس شخصيتها الغائرة فى القدم والممتدة مع الزمان.. عندما يقول الناس: فلان فقد ذاكرته، عرفنا أنه على عتبة الجنون، فما بعد الذهول عما كان إلا العجز عن مواجهة ما يكون. وعندما يقول الناس فلان ليس له مهاد يبنى عليه ولا تقاليد ينبعث منها، ولا تراث يستمد منه، عرفنا أنه زنيم، يرتجل سيرته، ومسلكه دون أساس ولا مقياس، وذاك ما عناه شوقى فى قوله: مثل القوم نسوا تاريخهم كلقيط عَىَّ فى الحى انتسابا أو كمغلوب على ذاكرة يشتكى من صلة الماضى انقضابا ونحن المسلمين أبناء تاريخ طويل عريض، ربما بدأت رسالتنا، مع بعثة إمام الأنبياء النبى العربى المحمد ! ولكن هذا النبى القمة بين أن الإسلام رسالة الأنبياء كلهم، بيد أن جماهير غفيرة زاغت عنه، وقامت فى الأرض دول مرهوبة تعبد أوهام الخرافة والسلطة وتبتذل خصائص الإنسان العليا بين يدى صنم من الحجارة أو صنم حى من أبناء آدم تلقب بفرعون أو بقيصر أو بشتى الألقاب الخادعة... ومحمد نبى الله اليتيم الفقير هو الإنسان الوحيد الذى هتك سدول الباطل، وساق الجماهير إلى معرفة الله الواحد، واستنقذها بقوة من فتك القوى الشريرة.. وله ـ ﷺ ـ سيرة لما تستكشف أعماقها، ولأمته تاريخ حافل غريب لا أدرى : ص _١٠٢


الصفحة التالية
Icon