فقال السائل: أليس الله موجودا؟ قال الرجل: بلى! قال السائل: فأين يوجد؟ قال: فى كل مكان! وكأنما سنحت للسائل الفرصة التى ينتظرها، فقال فى استعلاء خبيث: أيوجد فى أماكن القمامة ومجامع القذارة و... و... ؟ ورأيت أن الأمر بلغ حد الإسفاف، فتدخلت معترضا لأنقذ الموقف وأشرح المراد.. قلت للسائل: عندما يقول أحدنا دخلت الشمس الغرفة فإنما يعنى دخول شعاعها وحرارتها ولا يفهم عاقل أبدا أن الشمس نزلت من عليائها واحتلت الغرفة، وجلست على كرسى أو نامت على سرير...! وعندما خشى موسى وهارون عواقب الحديث مع فرعون أوحى الله إليهما (قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) إنه كان معهما بتأييده وتثبيته، ولم يكن واقفا أو جالسا فى مجلس الحوار، ولا يفهم ذلك إلا أحمق، وليس لنا أن نبحث عن كنه هذه المعية فنحن دون ذلك.. قال السائل: إننى أريد نفى الحلول! قلت: أسلوب القرآن الكريم فوق الشبهات، ومن اعتمد فى إجابته على آيات محكمة لا ينبغى أن نسفه قوله. وحكاية الحلول حكاية سمجة، ما تتماسك فى ذهن محترم، وما ينبغى من أجلها أن نغفل قوله تعالى: (هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) وقوله :(ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم). إن خالق المكان والزمان لا يحويه زمان ولا مكان، إن خالق المادة لا يخضع للقوانين المادية، إن الذى يريد تصور الحقيقة الإلهية بمخه البشرى القاصر غر مخدوع.. إننا عاجزون عن تصور الخلية والذرة فى عالم المادة، وفى عماء ممتد بالنسبة لما وراء المادة فكيف نحاول استكناه الألوهية؟؟ إننى أتلو القرآن وأترك معانيه تنطبع فى فؤادى دون تقعر ولا تجرؤ... ص _٠١٥