وفى هذه الأيام الحافلة بالأحزان رأيت دولة كألبانيا، تأكلها الشيوعية فى صمت، وجمهرة سكانها مسلمون! ما رثى لهم أحد، ولا درس قضاياهم قارئ، ولا تحدث عنهم خطيب!، ربما تشنج وهو يأسف لرفع اليدين، أو عدم رفعها فى الصلاة ! وقضية ألبانيا المسلمة نموذج لعشرات أمثالها فى أرجاء أوروبا وآسيا، حتى لقد تساءلت هل يحسب العرب أن الإسلام شأن من شئونهم الخاصة، أو نزعة من نزعاتهم القومية؟ ومع هذا الذهول المعيب المنكور، فإن فقدان الوعى السليم بتعاليم الإسلام، وحال رسالته، ومسافة القرب والبعد منها جعل الأمة تستقبل سقوط الأندلس بأبيات من الشعر الباكى، ثم سكت المحزونون وقضى الأمر... وحدث مثل ذلك عندما سقطت الأقطار الفيحاء التى تكون الاتحاد السوفييتي فى آسيا، فقد وضع القياصرة البيض أيديهم على أماكن رحبة، وجماهير كثيفة، ورثها عنهم القياصرة الحمر فى هدوء، وكأن شيئا لم يحدث، وكأنه لا يوجد فى ثقافتنا علم للتاريخ يحصى الهزائم والانتصارات، ويسجل ا لأرباح والخسائر، ويروى للأخلاف ما أصاب الأسلاف!! لابد أن أواجه الأمة الإسلامية بقصورها فى جانب مهم من ثقافتها، وأكون شاهدا على هذه الأمة أمام الله؟ لأنها فرطت فى استيعاب ماضيها، فعجزت عن مواجهة حاضرها! أذكر أننى وأنا طالب فى الدراسة ا لابتدائية بالأزهر وعمرى ١٢ سنة درست مع زملائى تاريخ الدولة العثمانية كله، وظاهر أن العناية بهذا التاريخ وحده كانت بقية من تأثرنا بالتبعية القديمة للأتراك... وأرى أن الواجب يقضى بدراسة العثمانيين، والإندونيسيين فى جنوب آسيا، والنيجريين فى غرب إفريقيا، ودراسة أرض الإسلام كلها باختصار غير مخل فى المراحل العامة، وبتفصيل حسن فى معاهد عالية... إننى واثق من أن أكثر من تسعة أعشار المثقفين بيننا لا يدرى تاريخ الإسلام فى " الفلبين " وكيف انحسر الآن فى جزر " ماندانا " و " صولو " وغيرهما، وكيف صار المسلمون فى هذه البلاد ٢٠%، بعد أن كانوا