الدخان في ليلة الجمعة غفر له» «٢»، وأخرج الطبراني حديثا جاء فيه :«من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة أو يوم جمعة بنى اللّه له بيتا في الجنة» «٣».
وينطوي في الأحاديث تنويه نبوي بهذه السورة لا بدّ له من حكمة، ولعلّ منها ما انطوى فيها من مواعظ وتنويه بالقرآن وليلة نزوله وبالإضافة إلى ذلك فيها دلالة على أن السورة كانت تامة الشخصية معروفة الاسم في زمن النبي - ﷺ -. (١)
سورة الدخان مكيّة، وهي تسع وخمسون آية.
تسميتها : سمّيت (سورة الدّخان) لما فيها من تهديد المشركين في الماضي بالجدب والقحط الذي يجعل الجائع كأنه يرى في الفضاء دخانا من شدة الجوع، وتهديد الأجيال المقبلة بظهور الدّخان في السماء مدة أربعين يوما والذي يعدّ أمارة من أمارات السّاعة.
مناسبتها لما قبلها :
تتجلّى مناسبة هذه السورة لما قبلها من آل حاميم من وجوه ثلاثة :
١ - افتتاح كلتا السّورتين بالقسم بالقرآن العظيم تنويها به، في قوله تعالى : حم، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ.
٢ - تشابه خاتمة السّورة المتقدّمة ومطلع هذه السّورة، حيث ختمت سورة الزّخرف بالتّهديد والوعيد في قوله تعالى : فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [٨٣] فذكر يوما غير معيّن ولا موصوفا، ثم أبان وصفه في سورة الدّخان في القسم الأول منها حيث أنذر تعالى المشركين في قوله : فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ [١٠].
٣ - حكاية ما قاله النّبي - ﷺ - لقومه وما قاله أخوه موسى عليه السّلام لقوم فرعون، فقال النّبي - ﷺ - في السّورة المتقدّمة : يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ [٨٨]، ثم قال اللَّه له : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ : سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [٨٩]، وحكى اللَّه عن موسى في هذه السّورة : فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ [٢٢]، وقال موسى : وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ [٢٠ - ٢١]، والتّشابه واضح في الموقفين.
ما اشتملت عليه السّورة :
موضوع سورة الدّخان المكيّة كسائر موضوعات السّور المكيّة وسور آل حاميم السّبع، وهو بيان أصول العقيدة الإسلاميّة : التوحيد، والنّبوة والرّسالة، والبعث.

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٤ / ٥٣٤)


الصفحة التالية
Icon