* وختمت السورة الكريمة ببيان مصير الأبرار ومصير إلىجار، بطريق الجمع بين الترغيب والترهيب، والتبشير والإنذار [ إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم.. ] الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.
التسمية : سميت " سورة الدخان " لأن الله تعالى جعله آية لتخويف الكفار، حيث أصيبوا بالقحط والمجاعة، بسبب تكذيبهم للرسول ( - ﷺ - ) وبعث الله عليهم الدخان حتى كادوا يهلكون، ثم نجاهم الله بعد ذلك ببركة دعاء النبي ( - ﷺ - ) (١).
مقصودها الإنذار من الهلكة لمن لم يقبل ما في الذكر الكريم الحكيم من الخير والبركة رحمة جعلها بين عامة مشتركة، وعلى ذلك دل اسمها الدخان إذا تؤملت آياته وإفصاح ما فيها وإشاراته (٢)
يشبه إيقاع هذه السورة المكية، بفواصلها القصيرة، وقافيتها المتقاربة، وصورها العنيفة، وظلالها الموحية..
يشبه أن يكون إيقاعها مطارق على أوتار القلب البشري المشدودة.
ويكاد سياق السورة أن يكون كله وحدة متماسكة، ذات محور واحد، تشد إليه خيوطها جميعا. سواء في ذلك القصة، ومشهد القيامة، ومصارع الغابرين، والمشهد الكوني، والحديث المباشر عن قضية التوحيد والبعث والرسالة. فكلها وسائل ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة، كما يبثها هذا القرآن في القلوب.
وتبدأ السورة بالحديث عن القرآن وتنزيله في ليلة مباركة فيها يفرق كل أمر حكيم، رحمة من اللّه بالعباد وإنذارا لهم وتحذيرا. ثم تعريف للناس بربهم : رب السماوات والأرض وما بينهما، وإثبات لوحدانيته وهو المحيي المميت رب الأولين والآخرين.
ثم يضرب عن هذا الحديث ليتناول شأن القوم :«بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ»! ويعاجلهم بالتهديد المرعب جزاء الشك واللعب :«فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ».. ودعاءهم بكشف العذاب عنهم وهو يوم يأتي لا يكشف. وتذكيرهم بأن هذا العذاب لم يأت بعد، وهو الآن عنهم مكشوف، فلينتهزوا الفرصة، قبل أن يعودوا إلى ربهم، فيكون ذلك العذاب المخوف :«يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ»..

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ١٩٧)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٧ / ٩٤)


الصفحة التالية
Icon