موضوع هذه السورة كسائر موضوعات السور المكية، وبخاصة آل حم السور السبعة، وهو تأصيل عقيدة الإسلام الأساسية وإثبات عناصرها وأركانها الثلاثة :
وهي الإيمان باللّه تعالى وتوحيده، والاعتقاد بنزول القرآن من عند اللَّه، وبنبوة محمد - ﷺ - ورسالته، والتصديق باليوم الآخر والحساب والبعث والجزاء.
ابتدأت السورة ببيان مصدر القرآن الكريم وهو اللَّه تعالى، وإثبات وجود الخالق ووحدانيته بخلق السموات والأرض، وخلق البشر والدواب، وتعاقب الليل والنهار، وإنزال المطر سبب الحياة، وتسخير الرياح.
ثم هددت وأوعدت كل من كذّب بآيات اللَّه، واستكبر عنها، واتخذها هزوا بعذاب جهنم.
وأخبرت عن نعم اللَّه العظمى وأولها كون القرآن هدى للناس، ثم تسخير البحر لجريان السفن فيه والاتجار بين الأقطار، وتسخير جميع ما في الكون لعباد اللَّه تعالى.
وأردفت ذلك بمبادئ خلقية واجتماعية إنسانية سلمية هي عفو المؤمنين وترفعهم عن زلات الكافرين، فالعمل الصالح أو الفاسد يعود أثره على صاحبه، وتذكير بني إسرائيل بما امتن اللَّه عليهم من نعم روحية ومادية هي التوراة، والحكمة والفقه وفصل الخصومات بين الناس، والنبوة، ورزق الطيبات، والتفضيل على العالمين في عصرهم، والإتيان بالبينات وهي الآيات والمعجزات، وأمر الرسول بعدم إطاعة المشركين واتباع أهوائهم، والتعجب من حالهم، وتجرؤهم على إنكار البعث، واتخاذهم الهوى إلها ومعبودا.
وفي مقابل ذلك بيان استقلال الشريعة الإسلامية وإثبات ذاتيتها، وأمر الرسول والمؤمنين باتباعها وحدها دون ما عداها، والاعتزاز والثقة باللّه الذي يمدّ نبيه بالعون وأنه ولي المتقين، والتزام منهج اللَّه وهدايته ورحمته وهو القرآن العظيم، ومعرفة قانون اللَّه وعدله وحكمته في التفرقة بين المؤمنين الأبرار والمجرمين الأشرار، وبين المتبصرين بآيات اللَّه، ومن أغلق على نفسه منافذ الهداية، فحجب السمع والبصر والقلب عن نور اللَّه.
ثم رد اللَّه تعالى على المشركين منكري البعث بأن اللَّه هو المحيي والمميت وجامع الناس ليوم القيامة، فهو صاحب القدرة العجيبة ومالك السموات والأرض، والمتفرد بالسلطان الأعظم في الآخرة ذات الأهوال الرهيبة في العرض والحساب وشهادة صحف الأعمال على أصحابها.
وختمت السورة ببيان الجزاء الحق العادل، وقسمة الناس فريقين : فريق الجنة الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وفريق النار الذين كفروا باللّه ورسوله، واقترفوا السيئات والمعاصي، وهزئوا بآيات اللَّه، واغتروا بالحياة الدنيا.