وذلك كله يستوجب الحمد للّه رب السموات ورب الأرض رب العالمين، وله وحده الكبرياء في السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم. (١)
مكية على الصحيح. وهي سبع وثلاثون آية. وهي كأخواتها من السور المكية، في الكلام على التوحيد وإثبات البعث والنبوة وغير ذلك مما يفتح القلوب الغلف، وتمتاز هذه السورة بأنها اتجهت نحو بيان آيات اللّه الكونية كدليل على قدرة اللّه ووحدانيته وإمكان البعث، وتصديق أن القرآن كلام اللّه. (٢)
وتسمى سورة الشريعة وسورة الدهر كما حكاه الكرماني في العجائب لذكرهما فيها، وهي مكية قال ابن عطية : بلا خلاف، وذكر الماوردي إلا قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا [الجاثية : ١٤] الآية فمدنية، وحكى هذا الاستثناء في جمال القراء عن قتادة، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء اللّه تعالى. وهي سبع وثلاثون آية في الكوفي وست وثلاثون في الباقية لاختلافهم في «حم» هل هي آية مستقلة أو لا، ومناسبة أولها لآخر ما قبلها في غاية الوضوح. (٣)
* سورة الجاثية مكية، وقد تناولت العقيدة الإسلامية في إطارها الواسع الإيمان بالله تعالى، ووحدانيته، والإيمان بالقرآن، ونبوة محمد عليه السلام، والإيمان بالآخرة والبعث والجزاء ويكاد يكون المحور الذي تدور حوله السورة الكريمة، هو : إقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين.
*تبتدىء السورة الكريمة بالحديث عن القرآن ومصدره، وهو الله العزيز في ملكه، الحكيم في خلقه، الذي أنزل كتابه المجيد رحمة بعباده، ليكون نبراسا مضيئاآ، ينير للبشرية طريق السعادة والخير [ حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين ٠٠ الآيات.
* ثم ذكرت بعض الآيات الكونية المنبثة في هذا العالم الفسيح، ففي السموات البديعة آيات، وفي الأرض الفسيحة آيات، وفي خلق البشر وسائر الأنعام والمخلوقات آيات، وفي تعاقب الليل وإلىهار، وتسخير الرياح الأمطار آيات، وكلها شواهد ناطقة بعظمة الله وجلاله، وقدرته ووحدانيته، ثم تحدثت عن المجرمين المكذبين بالقرآن، الذين يسمعون آياته المنيرة، فلا يزدادون إلا استكبارا وطغيانا، وأنذرتهم بالعذاب الأليم، في دركات الجحيم [ ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها.. ] الآيات.

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٥ / ٢٤٦)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٤٢٢)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٣ / ١٣٦)


الصفحة التالية
Icon