بدأت السورة الكريمة ببشارة النبي - ﷺ - بالفتح الأعظم وانتشار الإسلام بعد فتح مكة الذي كان صلح الحديبية بين الرسول - ﷺ - وبين المشركين سنة ست من الهجرة بداية طيبة له.
ثم أخبرت بوعد اللَّه المنجز لا محالة للمؤمنين ووعيده للكافرين والمنافقين، وأبانت مهام النبي - ﷺ - من الشهادة على أمته وعلى الخلق يوم القيامة والتبشير والإنذار، من أجل الإيمان باللّه تعالى ورسوله - ﷺ - ونصرته.
وأردفت ذلك بأمرين متميزين : أولهما - الإشادة بأهل بيعة الرضوان تحت الشجرة في الحديبية، وبيان أن بيعتهم في الحقيقة للّه، وتسجيل رضوان اللَّه تعالى عليهم، ووعدهم بالنصر في الدنيا، وبالجنة في الآخرة : إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ...
والثاني - ذم المنافقين من عرب أسلم وجهينة ومزينة وغفار الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول اللَّه - ﷺ - عام الحديبية، وكانوا من أعراب المدينة.
وأبانت إعفاء أصحاب الأعذار (الأعمى والأعرج والمريض) من فريضة الجهاد، واكتفت منهم بطاعة أمر اللَّه تعالى ورسوله - ﷺ -، فذلك مؤذن بدخول الجنة.
وذكّرت بفضل اللَّه تعالى على المؤمنين في إبرام الصلح والكف عن القتال بينهم وبين أهل مكة كفار قريش الذين كفروا وصدوا المؤمنين عن المسجد الحرام، وتأثرهم بحمية الجاهلية من الأنفة والكبر والعصبية، ورفضهم كتابة البسملة في مقدمة الصلح، وكتابة «محمد رسول اللَّه»، وتثبيت المؤمنين على كلمة التقوى وهي طاعة اللَّه تعالى والرسول - ﷺ - وقبول شروط الصلح، بالرغم من إجحاف بنوده في الظاهر بحقوق المسلمين.
وتحدثت بعدئذ عن البشرى بتحقق رؤيا النبي - ﷺ - التي رآها في المدينة المنورة أنهم يدخلون المسجد الحرام (مكة) آمنين مطمئنين، وتم ذلك بالفعل في العام المقبل حيث دخل المؤمنون مكة معتمرين : لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ...
وختمت السورة بأمور ثلاثة : هي إرسال محمد - ﷺ - بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ووصف النبي والمؤمنين بالرحمة فيما بينهم والشدة على الكفار الأعداء، ووعد المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالمغفرة والأجر العظيم.
فضلها :
نزلت هذه السورة على النبي - ﷺ - بعد عودته من الحديبية،


الصفحة التالية
Icon