مناسبتها لما قبلها :
ترتبط هذه السورة بما قبلها بوجوه أربعة :
١ - إن سورة الطور ختمت بقوله : وَإِدْبارَ النُّجُومِ وافتتحت هذه السورة بقوله : وَالنَّجْمِ.
٢ - في سورة الطور ذكر تقوّل القرآن وافتراؤه، وهذه السورة بدئت بذلك وردت عليه.
٣ - ذكر في الطور ذرية المؤمنين، وأنهم تبع لآبائهم، وفي هذه السورة ذكرت ذرية اليهود في آية : هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ (٣٢).
٤ - في حق الآباء المؤمنين قال تعالى في الطور : أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (٢١) أي ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين، مع نفعهم بعمل آبائهم، وقال في النجم في حق الكفار أو أبناء الكفار الكبار : وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (٣٩).
ما اشتملت عليه السورة :
موضوع هذه السورة كسائر موضوعات السورة المكية المعنية بأصول العقيدة، وهو إثبات الرسالة وصدق الرسول - ﷺ - في تلقي القرآن بالوحي عن اللّه، والتوحيد والكلام على الأصنام وبيان عدم جدواها، والتحدث عن قدرة اللّه عز وجل، وعن البعث والنشور.
افتتحت السورة بإثبات ظاهرة الوحي بوساطة جبريل عليه السلام، والكلام عن (المعراج) وقرب النبي - ﷺ - من ربه، ورؤيته عجائب ملكوت اللّه تعالى، ومشاهدته جبريل على صورته الحقيقية الملكية مرتين.
ثم قرّعت المشركين على عبادة الأوثان والأصنام، ووصفتها بأنها عبادة باطلة لآلهة مزعومة لا وجود لها، ووبختهم أيضا على جعل الملائكة إناثا، وتسميتهم إياها : بنات اللّه، وبيان أن الملائكة لا تملك الشفاعة إلا بإذن اللّه تعالى.
ثم وصفت الجزاء العادل يوم القيامة، حيث يجازى المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وذكرت أوصاف المحسنين، ونددت بإعراض الكافرين عن الإسلام، وأعلمت الناس جميعا أن المسؤولية فردية شخصية، فيسأل كل إنسان عن سعيه وعمله، ولا تتحمل نفس إثم أو وزر نفس أخرى، ولا تقبل تزكية المرء نفسه.
وأبانت السورة إحاطة علم اللّه بما في السموات والأرض ومظاهر قدرة اللّه تعالى في الإحياء والإماتة، والإغناء والإفقار، وخلق الإنسان من النطفة، والبعث والحشر والنشر.
وهددت المشركين الذين أنكروا الوحدانية والرسالة والبعث بالإهلاك كإهلاك أقوام أخرى أشداء، كعاد وثمود وقوم نوح ولوط.


الصفحة التالية
Icon