وختمت بالتعجب من استهزاء المشركين بالقرآن وإعراضهم عنه، وأمر المؤمنين بالعبادة الخالصة للّه تعالى. (١)
مكية على القول الصحيح، وعدد آياتها ثنتان وستون آية، وهي أول سورة أعلنها رسول اللّه - ﷺ - بمكة.
وتشتمل هذه السورة على إثبات الرسالة وصدق الرسول في أن القرآن من عند اللّه، ثم الكلام على الأصناف وبيان أنها أسماء لا مسميات لها، ثم الكلام على الذات الأقدس ببيان آثاره في الوجود، وذكر حقائق إسلامية وجد بعضها في الكتب السابقة. (٢)
وتسمى أيضا سورة - النجم - بدون واو وهي «مكية» على الإطلاق، وفي الإتقان استثنى منها الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ إلى اتَّقى [النجم : ٣٢]، وقيل : أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى [النجم : ٣٣] الآيات التسع، ومن الغريب حكاية الطبرسي عن الحسن أنها مدنية. ولا أرى صحة ذلك عنه أصلا، وآيها اثنتان وستون آية في الكوفي، وإحدى وستون في غيره، وهي كما
أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود أول سورة أعلن النبي صلى اللّه تعالى عليه وسلم بقراءتها فقرأها في الحرم والمشركون يسمعون، وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عنه قال :«أول سورة أنزلت فيها سجدة «والنجم» فسجد رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرا» وهو أمية بن خلف، وفي البحر أنه عليه الصلاة والسلام سجد وسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس غير أبي لهب فإنه رفع حفنة من تراب وقال : يكفي هذا
، فيحتمل أنه وأمية فعلا كذلك، وهي شديدة المناسبة لما قبلها فإن الطور ختمت بقوله تعالى : إِدْبارَ النُّجُومِ [الطور : ٤٩] وافتتحت هذه بقوله سبحانه :«والنجم» وأيضا في مفتتحها ما يؤكد رد الكفرة فيما نسبوه إليه صلى اللّه تعالى عليه وسلم من التقول والشعر والكهانة والجنون، وذكر أبو حيان أن سبب نزولها قول المشركين : إن محمدا عليه الصلاة والسلام يختلق القرآن، وذكر الجلال السيوطي في وجه مناسبتها أن الطور فيها ذكر ذرية المؤمنين وأنهم تبع لآبائهم وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله تعالى : هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ [النجم : ٣٢] الآية
فقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبري وأبو نعيم في المعرفة والواحدي عن ثابت بن الحارث الأنصاري «قال : كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا هو صديق فبلغ ذلك النبي صلى اللّه تعالى
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٥٥٤)