وإنذارهم بقتال يهزمون به، ثم لهم عذاب الآخرة وهو أشد.
وإعلامهم بإحاطة الله علما بأفعالهم وأنه مجازيهم شر الجزاء ومجاز المتقين خير الجزاء. وإثبات البعث، ووصف بعض أحواله.
وفي خلال ذلك تكرير التنويه بهدي القرآن وحكمته. (١)
مناسبتها لما قبلها
فى ختام سورة « ق » جاء قوله تعالى :« أَزِفَتِ الْآزِفَةُ » ـ منذرا بقرب يوم القيامة، ثم فى بدء سورة القمر قوله :« اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ » ـ مخبرا عن اقتراب الساعة، منبئا عن الأحداث التي تقع فى هذا اليوم العظيم.. وبهذا تلاقى ختام « ق » وبدء « القمر » على موضوع واحد، هو وقوع يوم القيامة، واقتراب هذا الوقوع، وأن ختام سورة « ق » يقرر هذه الحقيقة، وبدء سورة « القمر » يؤكدها، ويطلع بالإرهاصات التي تقوم بين يديها. (٢)

مقدّمة

١ - سورة القمر : هي السورة الرابعة والخمسون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة الطارق، وقبل سورة « ص ».
ويبلغ عدد السور التي نزلت قبلها، سبعا وثلاثين سورة.
ويغلب على الظن أن نزولها كان في السنوات الأولى من بعثته - ﷺ - قال بعض العلماء : وكان نزولها في حدود سنة خمس قبل الهجرة. ففي الصحيح أن عائشة - رضى اللّه عنها - قالت : أنزل على رسول اللّه - ﷺ - بمكة، وإنى لجارية ألعب، قوله - تعالى - : بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ.
٢ - وتسمى هذه السورة بسورة القمر، وبسورة اقتربت الساعة، وتسمى بسورة اقتربت، حكاية لأول كلمة افتتحت بها.
روى الإمام مسلم وأهل السنن عن أبى واقد الليثي أن رسول اللّه - ﷺ - كان يقرأ في العيد بسورتى « ق » و« اقتربت الساعة ».
وعدد آياتها : خمس وخمسون آية وهي من السور المكية الخالصة - على الرأى الصحيح -، وقيل : هي مكية إلا ثلاث آيات منها، وهي قوله - تعالى - : أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ. سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ. بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ فإنها نزلت يوم بدر، وهذا القيل لا دليل له يعتمد
(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٢٧ / ١٦١)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٤ / ٦٢٦)


الصفحة التالية