١ - سورة « الرحمن » سميت بهذا الاسم، لافتتاحها بهذا الاسم الجليل من أسماء اللّه - تعالى -. وقد وردت تسميتها بهذا الاسم في الحديث الذي أخرجه الإمام الترمذي عن جابر بن عبد اللّه قال : خرج رسول اللّه - ﷺ - على أصحابه فقرأ عليهم سورة « الرحمن » من أولها إلى آخرها، فسكتوا، فقال - ﷺ - :« لقد قرأتها على الجن، فكانوا أحسن مردودا منكم كنت كلما أتيت على قوله - تعالى - : فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قالوا : ولا بشيء من نعمك يا ربنا نكذب فلك الحمد » « ١ ».
وسميت في حديث مرفوع أخرجه البيهقي عن على بن أبى طالب - رضى اللّه عنه :
« عروس القرآن ».
وقد ذكروا في سبب نزولها، أن المشركين عند ما قالوا : وَمَا الرَّحْمنُ نزلت هذه السورة لترد عليهم، ولتثنى على اللّه - تعالى - بما هو أهله.
٢ - وهي مكية في قول جمهور الصحابة والتابعين، وروى عن ابن مسعود وابن عباس أنها مدنية، وقيل هي مكية إلا قوله - تعالى - : يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ....
قال القرطبي : والقول الأول أصح، لما روى عن عروة بن الزبير قال : أول من جهر بالقرآن بمكة بعد النبي - ﷺ - عبد اللّه بن مسعود.
وذلك أن الصحابة قالوا : ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر به قط، فمن رجل يسمعهم إياه؟ فقال ابن مسعود : أنا، فقالوا : نخشى عليك، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه، فأبى، ثم قام عند المقام فقال : بسم اللّه الرحمن الرحيم. الرَّحْمنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ... ثم تمادى رافعا بها صوته وقريش في أنديتها، فتأملوا وقالوا : ما يقول ابن أم عبد؟ قالوا : هو يقول الذي يزعم محمد أنه أنزل عليه، ثم ضربوه حتى أثروا في وجهه.. وفي هذا دليل على أنها مكية...
والحق أن ما ذهب إليه الإمام القرطبي من كون سورة الرحمن مكية، هو ما تطمئن إليه النفس، لأن السورة من أولها إلى آخرها فيها سمات القرآن المكي، الذي يغلب عليه الحديث المفصل عن الأدلة على وحدانية اللّه وقدرته وعظم نعمه على خلقه، والمقارنة بين حسن عاقبة الأخبار، وسوء عاقبة الأشرار...
٣ - وعدد آياتها ثمان وسبعون آية في المصحف الحجازي، وست وسبعون في المصحف البصري.
٤ - وتبدأ السورة الكريمة بالثناء على اللّه - تعالى -، ثم بالثناء على القرآن الكريم، ثم ببيان جانب من مظاهر قدرة اللّه - تعالى -، ومن جميل صنعه، وبديع فعله.. قال - تعالى - : الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ. وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ. وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ. أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ.


الصفحة التالية
Icon