[الحديد : ١٦] الآية لكن سيأتي إن شاء اللّه تعالى آثار تدل على مدنية ما ذكر ولعلها لا تصلح للمعارضة.
ونزلت يوم الثلاثاء على ما أخرج الديلمي عن جابر مرفوعا لا تحتجموا يوم الثلاثاء فإن سورة الحديد أنزلت عليّ يوم الثلاثاء، وفيه أيضا خبر رواه الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما بسند ضعيف، وهي تسع وعشرون آية في العراقي، وثمان وعشرون في غيره، ووجه اتصالها - بالواقعة - أنها بدئت بذكر التسبيح وتلك ختمت بالأمر به، وكان أولها واقعا موقع العلة للأمر به فكأنه قيل : فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة : ٧٤، ٩٦، الحاقة : ٥٢] لأنه سبح له ما في السماوات والأرض (١)
* هذه السورة الكريمة من السور المدنية، التي تعنى بالتشريع والتربية والتوجيه، وتبنى المجتمع الإسلامي على أساس العقيدة الصافية، والخلق الكريم، والتشريع الحكيم.
* وقد تناولت السورة الكريمة " سورة الحديد " ثلاثة مواضيع رئيسية هي :
أولا : أن الكون كله لله جل وعلا، هو خالقه ومبدعه، والمتصرف فيه بما يشاء.
ثانيا : وجوب التضحية بالنفس والنفيس، لإعزاز دين الله، ورفع منار الإسلام، الذي ختم الله به الرسالات السماوية. ثالثا : تصوير حقيقة الدنيا بما فيها من بهرج ومتاع خادع، حتى لا يغتر بها الإنسان، وينسى الآخرة.
* ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن عظمة الخالق جل وعلا، الذي سبح له كل ما في الكون، من شجر، وحجر، ومدر، وإنسان، وحيوان، وجماد، فالكل ناطق بعظمته، شاهد بوحدانيته [ سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ] الآيات.
* ثم ذكرت صفات الله الحسنى، وأسماءه العليا، فهو الأول بلا بداية، والآخر بلا نهاية، والظاهر بآثار مخلوقاته، والباطن الذي لا يعرف كنه حقيقته أحد، وهو الخالق للإنسان، والمدبر للأكوان [ له ملك السموات والأرض يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير هو الأول والأخر والظاهر والباطن.. ] الآيات.
* ثم تلتها الآيات وهي تدعو المسلمين إلى البذل والسخاء والإنفاق في سبيل الله، بما يحقق عزة الإسلام ورفعة شأنه، فلابد للمؤمن من الجهاد بالنفس والمال لينال السعادة في الدنيا، والمثوبة في الآخرة [ آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ] الآيات.

(١) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٤ / ١٦٤)


الصفحة التالية
Icon