وهناك مسألة مشتركة أخرى بين هذه السورة وسورة الأحزاب وهي عادة الظهار الجاهلية. فقد احتوى مطلع سورة الأحزاب تنديدا بهذه العادة ولكنه مترافق مع التنديد بعادة التبني الجاهلية. ثم احتوى تشريعا في إلغاء التبني دون الظهار.
في حين أن التنديد بالظهار في هذه السورة رافقه تشريع. بحيث يحتمل أن يكون تنديد سورة الأحزاب هو السابق كخطوة أولى ثم جاء التشريع في هذه السورة كخطوة ثانية وبحيث قد يصح أن يكون في هذا قرينة على سبق فصل سورة الأحزاب على فصل الظهار في هذه السورة : واللّه أعلم. (١)
مدنيّة، وهي اثنتان وعشرون آية.
مدنيتها : هذه السورة مدنية على الصحيح، وروي عن الكلبي أنه قال : نزلت كلها بالمدينة إلا قوله تعالى : ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ.. فإنها نزلت بمكة. وعن عطاء : العشر الأول منها مدني، وباقيها مكي.
تسميتها :
سميت سورة المجادلة، لافتتاحها بقوله تعالى : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها.. وهذه المرأة هي خولة امرأة أوس بن الصامت.
مناسبة السورة لما قبلها :
تتضح صلة هذه السورة بما قبلها من وجوه ثلاثة هي :
١ - ذكر في مطلع سورة الحديد صفات اللّه الجليلة، ومنها الظاهر والباطن، والعالم بما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو مع خلقه أينما كانوا، وذكر في مطلع هذه السورة ما يدل على ذلك وهو سماع قول المجادلة التي تشتكي إلى اللّه، ولهذا قالت عائشة رضي اللّه عنها حين نزلت :«سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، إني في ناحية البيت لا أعرف ما تقول» أي المجادلة.
٢ - ختمت السورة السابقة ببيان فضل اللّه، وافتتحت هذه السورة بما يشير إلى بعض الفضل.
٣ - ذكر في المجادلة : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.. الآية (٧) وهي تفصيل لإجمال قوله تعالى في السورة السابقة : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
ما اشتملت عليه السورة :
موضوع هذه السورة كغالب السور المدنية بيان الأحكام التشريعية، وقد تضمنت حكم الظهار وكفارته، وحكم التناجي، وأدب المجالس، وتقديم الصدقة في بدء الأمر قبل مناجاة الرسول - ﷺ -،