فقال عمي ما أردت إلا أن كذبك رسول الله، وفي رواية: إلى أن كذبك، فلما أصبحنا قرأ رسول الله سورة المنافقين وقال لي: "إن الله قد صدقك".
وفي رواية للترمذي في هذا الحديث: أن المهاجري أعرابي وأن الأنصاري من أصحاب عبد الله بن أبي، وأن المهاجري ضرب الأنصاري على رأسه بخشبة فشجه، وأن عبد الله بن أبي قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله يعني الأعراب، وذكر أهل السير أن المهاجري من غفار اسمه جهجاه أجير لعمر بن الخطاب. وأن الأنصاري جهني اسمه سنان حليف لبن أبي، ثم يحتمل أن تكون الحادثة واحدة. واضطرب الراوي عن زيد بن أرقم في صفتها؛ ويجوز أن يكون قد حصل حادثتان في غزاة واحدة.
وذكر الواحدي في أسباب النزول : أن رسول الله - ﷺ - أرسل إلى عبد الله بن أبي وقال له: "أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني"، فقال عبد الله بن أبي: والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من هذا وإن زيدا لكاذب.
والظاهر أن المقالة الأولى قالها ابن أبي في سورة غضب تهييجا لقومه ثم خشي انكشاف نفاقه فأنكرها.
وأما المقالة الثانية فإنما أدرجها زيد بن أرقم في حديثه وإنما قالها ابن أبي في سورة الناصح كما سيأتي في تفسير حكايتها.
وعلى الأصح فهي قد نزلت قبل سورة الأحزاب، وعلى القول بأنها نزلت في غزوة تبوك تكون نزلت مع سورة براءة أو قبلها بقليل وهو بعيد.
أغراضها
فضح أحوال المنافقين بعد كثير من دخائلهم وتولد بعضها عن بعض من كذب، وخيس بعهد الله، واضطراب في العقيدة، ومن سفالة نفوس في أجسام تغر وتعجب، ومن تصميم على الإعراض عن طلب الحق والهدى، وعلى صد الناس عنه، وكان كل قسم من آيات السورة المفتتح ب ﴿إذا﴾ خص بغرض من هذه الأغراض. وقد علمت أن ذلك جرت إليه الإشارة إلى تكذيب عبد الله بن أبي بن سلول فيما حلف عليه من التنصل مما قاله.
وختمت بموعظة المؤمنين وحثهم على الإنفاق والادخار للآخرة قبل حلول الأجل. (١)
مناسبتها لما قبلها