وإشارة إلى خضوع كل شيء له. ومظاهر عظمته وقدرته في الكون والخلق وشمول علمه. وتذكير بالكافرين السابقين ونكال اللّه فيهم. وحكاية لإنكار الكفار للبعث وتوكيده وإنذار به. وتوطيد لواجب الطاعة للّه ورسوله والإنفاق في سبيل اللّه.
وتحذير من أن يكون الأولاد والأزواج والأموال من المانعين لذلك.
والسورة من السور التي يختلف الرواة في مكيتها ومدنيتها. غير أن معظم روايات ترتيب نزول السور تسلكها في سلك السور المدنية. ومنها المصحف الذي اعتمدنا عليه. وفحوى آيات السورة يؤيد مدنيتها ويؤيد كونها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة. ومن الفحوى الذي يدل على مدنيتها الأمر بطاعة اللّه ورسوله والتحذير من الزوجات والأولاد فهذا أسلوب مدني واللّه أعلم.
وبعض الروايات التي تذكر أنها مكية تذكر أن الآيات [١٤ - ١٦] مدنية «١».
وآيات السورة منسجمة مع هذه الآيات بحيث يسوغ القول إنها سياق واحد نزلت في ظرف واحد.
وليس في السورة علامة مميزة تساعد على القول بصحة ترتيب نزولها بعد سورة التحريم وعدمه. وقد جعلناها بعد سورة التحريم أخذا برواية المصحف الذي اعتمدنا عليه وبعض روايات التراتيب الأخرى «٢» واللّه أعلم. (١)
سورة التغابن مدنيّة، وهي ثماني عشرة آية.
تسميتها : سميت التغابن تذكيرا بيوم القيامة الذي يظهر فيه غبن الكافر وخسارته بتركه الإيمان، وهو المذكور في قوله تعالى : يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ، ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ (٩).
مناسبتها لما قبلها :
تتضح مناسبة هذه السورة لما قبلها من وجوه ثلاثة :
١ - في السورة السابقة ذكر اللّه أوصاف المنافقين، وحذر المؤمنين من أخلاق المنافقين، وهنا حذر تعالى من صفات الكافرين : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ.. وقسم الناس في الجملة قسمين : مؤمن وكافر، وبشر المؤمن بالجنة، وهدد الكافر بالنار.
٢ - نهى اللّه تعالى في السورة المتقدمة عن الاشتغال بالأموال والأولاد عن ذكر اللّه : لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وفي هذه السورة ذكر أن الأموال والأولاد فتنة : نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ، وهذا كالتعليل لما سبق.

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٨ / ٥٤٤)


الصفحة التالية
Icon