حفصة ولم يصح. وجزم أبو بكر بن العربي بأن شيئا من ذلك لم يصح وأن الأصح أن الآية نزلت بيانا لشرع مبتدأ.
أغراضها
الغرض من آيات هذه السورة تحديد أحكام الطلاق وما يعقبه من العدة والإرضاع والإنفاق والإسكان. تتميما للأحكام المذكورة في سورة البقرة.
والإيماء إلى حكمة شرع العدة والنهي عن الإضرار بالمطلقات والتضييق عليهن.
والإشهاد على التطليق وعلى المراجعة.
وإرضاع المطلقة ابنها بأجر على الله.
والأمر بالائتمار والتشاور بين الأبوين في شأن أولادهما.
وتخلل ذلك الأمر بالمحافظة الوعد بأن الله يؤيد من يتقي الله ويتبع حدوده ويجعل له من أمره يسرا ويكفر عنه سيئاته.
وأن الله وضع لكل شيء حكمه لا يعجزه تنفيذ أحكامه.
وأعقب ذلك بالموعظة بحال الأمم الذين عتوا عن أمر الله ورسله وهو حث للمسلمين على العمل بما أمرهم به الله ورسوله - ﷺ - لئلا يحق عليهم وصف العتو عن الأمر.
وتشريف وحي الله تعالى بأنه منزل من السماوات وصادر عن علم الله وقدرته تعالى. (١)
مناسبتها لما قبلها
كان مما تضمنته السورة السابقة :« التغابن » ـ قوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ».. وفى هذا ـ كما قلنا ـ تحذير من فتنة الأزواج، والأولاد، وأن هذه الفتنة قد تعظم ويشتد خطرها، فلا يمكن مدافعتها والنجاة منها إلا بالفرقة، وقطع علائق الصلة..
ولما كانت الفرقة بين الرجل وزوجه لا تكون إلا بالطلاق، فقد كان من المناسب فى هذا المقام أن تبيّن بعد ذلك أحكام الطلاق، والصورة التي يكون عليها، حتى لا يؤدّى ذلك إلى جور وعدوان، بل ينبغى أن يكون الرفق، والحكمة، من الأدوات العاملة فى حلّ عرا الزوجية بين الزوجين، إذا لم يكن بدّ من حلّها، امتثالا لقوله تعالى :« فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ » (٢٢٩ : البقرة). هذا، وفى مجىء سورة الطلاق عقب الحديث عن فتنة الأزواج والأولاد ـ فى هذا ما يشير، فى إعجاز مبين، إلى أن

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٢٨ / ٢٦٢)


الصفحة التالية