الطلاق لا يكون إلا فى حال يتحكم فيها الخلاف بين الرجل والمرأة، حتى يكاد يكون فتنة، لا يمكن الخلاص منها إلا بهذا الدواء المرّ، وإلا بهذا الداء الذي يذهب به داء أشد منه.. وإن فى الشر خيارا..
وبعض السمّ ترياق لبعض وقد يشفى العضال من العضال (١)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الطلاق » من السور المدنية الخالصة، وقد سماها عبد اللّه بن مسعود بسورة النساء القصرى، أما سورة النساء الكبرى فهي التي بعد سورة آل عمران.
وكان نزولها بعد سورة « الإنسان » وقبل سورة « البينة »، وترتيبها بالنسبة للنزول :
السادسة والتسعون، أما ترتيبها بالنسبة لترتيب المصحف، فهي السورة الخامسة والستون.
٢ - وعدد آياتها إحدى عشرة آية في المصحف البصري، وفيما عداه اثنتا عشرة آية.
٣ - ومعظم آياتها يدور حول تحديد أحكام الطلاق، وما يترتب عليه من أحكام العدة، والإرضاع، والإنفاق، والسكن، والإشهاد على الطلاق، وعلى المراجعة.
وخلال ذلك تحدثت السورة الكريمة حديثا جامعا عن وجوب تقوى اللّه - تعالى - وعن مظاهر قدرته، وعن حسن عاقبة التوكل عليه، وعن يسره في تشريعاته، وعن رحمته بهذه الأمة حيث أرسل فيها رسوله - ﷺ - ليتلو على الناس آيات اللّه - تعالى - ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان بإذنه - سبحانه -. (٢)
في السورة تشريعات تكميلية وإيضاحية لأحكام الطلاق والعدة والرضاع.
وتوكيد وتشديد بالتزام الحدود التي رسمها القرآن في هذا الموضوع والتي تهدف إلى الرفق بالمرأة ورعاية الحياة الزوجية. والفصل الآخر منها وإن لم يكن متصلا بموضوع فصلها الأول المذكور آنفا اتصالا مباشرا فإن فيه تدعيما له على ما سوف يأتي شرحه. وهو مقفى بعض الشيء مثله مما يسوغ القول إنه نزل معه أو بعده كتعقيب عليه. وقد روي «١» عن ابن مسعود اسم آخر للسورة وهو (سورة النساء الصغرى) والراجح أن هذا الاسم مقتبس من موضوع السورة أيضا كما هو شأن اسمها المشهور.
وترتيب هذه السورة في المصحف الذي اعتمدناه يأتي بعد سورة الإنسان التي تأتي بعد سورة الرحمن التي تأتي بعد سورة الرعد التي تأتي بعد سورة محمد.

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٤ / ١٠٠٠)
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٤ / ٤٣٩)


الصفحة التالية
Icon