* وفي هذا التوجيه الإلهي دعوة للرجال أن يتمهلوا، ولا يتسرعوا في فصل عرى الزوجية، فإن الطلاق أبغض الحلال إلى الله، ولولا الضرورات القسرية لما أبيح الطلاق لأنه هدم للأسرة [ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ] الآيات.
* ودعت السورة إلى إحصاء العدة لضبط انتهائها، لئلا تختلط الأنساب، ولئلا يطول الأمد على المطلقة، فيلحقها الضرر، ودعت إلى الوقوف عند حدود الله، وعدم عصيان أوامره [ وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه.. ] الآيات.
* وتناولت السورة أحكام العدة، فبينت عدة اليائس التي انقطع عنها دم الحيض لكبر أو مرض، وكذلك عدة الصغيرة، وعدة الحامل، فبينته أوضح بيان مع التوجيه والإرشاد [ واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن.. ] الآيات.
* وفي خلال تلك الأحكام التشريعية، تكررت الدعوة إلى " تقوى الله " بالترغيب تارة، وبالترهيب أخرى، لئلا يقع حيف أو ظلم من أحد الزوجين، كما وضحت أحكام السكنى والنفقة [ ذلك أمر الله أنزله إليكم، ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا.. ] الآيات.
* وختمت السورة بالتحذير من تعدي حدود الله، وضربت الأمثلة بالأمم الباغية التي عتت عن أمر الله، وما ذاقت من الوبال والدمار، ثم أشارت إلى قدرة الله في خلق سبع سموات طباق، وخلق الأرضين، وكلها براهين على وحدانية رب العالمين [ وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا.. ] الآيات إلى نهاية السورة الكريمة. (١)
لمقصودها تقدير حسن التدبير في المفارقة والمهاجرة بتهذيب الأخلاق، بالتقوى لا سيما في الإنفاق، لا سيما إن كان ذلك عند الشقاق، لا سيما إن كان في أمر النساء لا سيما عند الطلاق، ليكونالفراق على نحو التواصل والتلاق، واسمها الطلاق أجمع ما يكون لذلك، فلذا سميت به وكذا سورة النساء القصرى لأن العدل في الفراق بعض مطلق العدل الذي هو محط مقصود سورة النساء (٢)
هذه سورة الطلاق، يبين اللّه فيها أحكامه، ويفصل فيها الحالات التي لم تفصل في السورة الأخرى (سورة البقرة) التي تضمنت بعض أحكام الطلاق ويقرر فيها أحكام الحالات المتخلفة عن الطلاق من شؤون الأسرة.

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٣٦٤)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٢٣)


الصفحة التالية
Icon