مناسبتها لما قبلها :
تتعلق هذه السورة بما قبلها بسبب اشتمالها على حديث الآخرة، ففي السورة المتقدمة قال تعالى مبينا السبب الأصلي في عدم التذكرة وهو إنكار البعث :
كَلَّا، بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ [٥٣] ثم ذكر في هذه السورة دليل إثبات البعث، ووصف يوم القيامة وأهواله وأحواله، ثم ذكر ما قبل ذلك من مقدمة وهي خروج الروح من البدن، ثم ما قبل ذلك من مبدأ الخلق، فذكرت الأحوال الثلاثة في هذه السورة على عكس ما هي في الواقع».
ما اشتملت عليه السورة :
عنيت هذه السورة كغيرها من السور المكية بأحد أصول الدين والإيمان وهو إثبات البعث والجزاء، وما سبقه من مقدمات الموت وبدء الخلق.
افتتحت السورة بالقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوّامة جميعا معا، لإثبات البعث والمعاد، والرد على من أنكر بعث الأجساد : لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ..[الآيات ١ - ٦].
ثم ذكر تعالى بعض علامات ذلك اليوم، وأخبر عن حتميته ووقوعه، فهو حق لا ريب فيه : فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ.. [الآيات ٧ - ١٥].
ثم نهى اللّه تعالى نبيه عن محاولة حفظ آيات القرآن أثناء الوحي، وطمأنه بأنه سبحانه متكفل بتثبيته في قلبه وحفظه ووعيه وبيانه بنحو شامل تام : لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ.. [الآيات ١٦ - ١٩].
وأردف ذلك بالتنديد بمحبة الدنيا وإيثارها على الآخرة، وبالإخبار عن انقسام الناس في الآخرة قسمين : أهل السعادة وأهل الشقاوة، فالأولون تتلألأ وجوههم بأنوار الإيمان، ويتمتعون بالنظر إلى ربهم دون حصر وتحديد وبلا كيفية، والآخرون تكون وجوههم سوداء مظلمة عابسة، تنتظر نزول داهية عظمي بها : كَلَّا، بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ.. [الآيات ٢٠ - ٢٥].
ثم ذكرت شدائد الاحتضار والموت وأهواله وكروبه ومضايقاته : كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ.. [الآيات ٢٦ - ٣٥].
وختمت السورة بإيراد الدليل الحسي الواقعي على إثبات الحشر والمعاد وهو بدء الخلق، والإعادة أهون من البداءة : أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً.. [الآيات ٣٦ - ٤٠]. (١)
وهي مكية بالإجماع. وعدد آياتها أربعون آية. وهي في الكلام على يوم القيامة والاستدلال عليه. ووصفه وبيان أهواله، ثم تعرضت لخروج الروح. وذكر مبدأ الخلق. (٢)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧٨٤)