وعدها جابر بن زيد الثامنة والتسعين في ترتيب نزول السور. وقال: نزلت بعد سورة الرحمان وقبل سورة الطلاق. وهذا جري على ما رآه أنها مدنية.
فإذا كان الأصح أنها مكية أخذا بترتيب مصحف ابن مسعود فتكون الثلاثين أو الحادية والثلاثين وجديرة بأن تعد سورة القيامة أو نحو ذلك حسبما ورد في ترتيب أبن مسعود.
روى أبو داود في باب تحزيب القرآن من سننه عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قال: "كان النبي - ﷺ - يقرأ النظائر السورتين وعد سورا فقال: و ﴿هَلْ أَتَى﴾ و ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ في ركعة". قال أبو داود: هذا تأليف ابن مسعود"أي تأليف مصحفه": واتفق العادون على عد آيها إحدى وثلاثين.
أغراضها
التذكير بأن كل إنسان كون بعد أن لم يكن فكيف يقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه.
وإثبات أن الإنسان محقوق بإفراد الله بالعبادة شكرا لخالقه ومحذر من الإشراك به.
وإثبات الجزاء على الحلين مع شيء من وصف ذلك الجزاء بحالتيه والإطناب في وصف جزاء الشاكرين.
وأدمج في خلال ذلك الامتنان على الناس بنعمة الإيجاد ونعمة الإدراك والامتنان بما أعطيه الإنسان من التمييز بين الخير والشر وإرشاده إلى الخير بواسطة الرسل فمن الناس من شكر نعمة الله ومنهم من كفرها فعبد غيره.
وتثبيت النبي - ﷺ - على القيام بأعباء الرسالة والصبر على ما يلحقه في ذلك، والتحذير من أن يلين للكافرين، والإشارة إلى أن الاصطفاء للرسالة نعمة عظيمة يستحق الله الشكر عليها بالاضطلاع بها اصطفاه له وبإقبال على عبادته.
والأمر بالإقبال على ذكر الله والصلاة في أوقات من النهار. (١)
مناسبتها لما قبلها
كانت سورة « القيامة » معرضا للأدلة، الدالة على قدرة اللّه سبحانه، وعلى إمكان البعث، ووقوع القيامة.. و« الإنسان » هو موضوع « القيامة » وهو الذي يساق إلى موقف الحساب والجزاء فيها.. فكان جعله عنوانا لسورة خاصة به، ثم كان جعله فى مواجهة يوم القيامة، بعد عرضها عليه ـ كان ذلك مما يقيم له مرآة ينظر فيها إلى نفسه، وإلى مكانه فى هذا الوجود، وإلى مسيرته فى الحياة، وكيف بدأ، وإلى أين ينتهى. (٢)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٣٤٩)