مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الإنسان » يرى بعضهم أنها من السور المكية الخالصة، ويرى آخرون أنها من السور المدنية.
قال الآلوسى : هي مكية عند الجمهور، وقال مجاهد وقتادة : مدنية كلها، وقال الحسن : مدنية إلا آية واحدة، وهي قوله - تعالى - : وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً « ١ ».
٢ - والذي تطمئن إليه النفس أن هذه السورة، من السور المكية الخالصة، فإن أسلوبها وموضوعها ومقاصدها.. كل ذلك يشعر بأنها من السور المكية، إذ من خصائص السور المكية، كثرة حديثها عن حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة المكذبين، وأمر النبي - ﷺ - وأصحابه بالصبر، وإثبات أن هذا القرآن من عند اللّه - تعالى - والتحريض على مداومة ذكر اللّه - تعالى - وطاعته.. وكل هذه المعاني نراها واضحة في هذه السورة.
ولقد رأينا الإمام ابن كثير - وهو من العلماء المحققين - عند تفسيره لهذه السورة، قال بأنها مكية، دون أن يذكر في ذلك خلافا، مما يوحى بأنه لا يعتد بقول من قال بأنها مدنية.
٣ - وتسمى هذه السورة - أيضا - بسورة « هل أتى على الإنسان »، فقد روى البخاري - في باب القراءة في الفجر - عن أبى هريرة، قال : كان النبي - ﷺ - يقرأ في الفجر سورة « ألم السجدة ». وسورة. « هل أتى على الإنسان ».
وتسمى - أيضا - بسورة : الدهر، والأبرار، والأمشاج، لورود هذه الألفاظ فيها.
وعدد آياتها : إحدى وثلاثون آية بلا خلاف.
٤ - ومن مقاصدها البارزة : تذكير الإنسان بنعم اللّه - تعالى - عليه، حيث خلقه - سبحانه - من نطفة أمشاج، وجعله سميعا بصيرا، وهداه السبيل.
وحيث أعد له ما أعد من النعيم الدائم العظيم.. متى أطاعه واتقاه.
كما أن من مقاصدها : إنذار الكافرين بسوء العاقبة إذا ما استمروا على كفرهم. وإثبات أن هذا القرآن من عند اللّه - تعالى - وأمر الرسول - ﷺ - وأمته بالصبر والإكثار من ذكر اللّه - تعالى - بكرة وأصيلا.
وبيان أن حكمته - تعالى - قد اقتضت أنه : يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً. (١)

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٢١١)


الصفحة التالية
Icon