جحرها فقال رسول اللّه - ﷺ - :«وقيت شركم كما وقيتم شرها». وعن ابن عباس وقتادة ومقاتل إن فيها آية مدنية وهي وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ [المرسلات : ٤٨] وظاهر حديث ابن مسعود هذا عدم استثناء ذلك وأظهر منه ما أخرجه الحاكم وصححه وابن مردويه عنه أيضا قال : كنا مع النبيّ - ﷺ - في غار فنزلت عليه والمرسلات، فأخذتها من فيه وإن فاه لرطب بها فلا أدري بأيهما ختم فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [المرسلات : ٥٠] وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ وآيها خمسون آية بلا خلاف ومناسبتها لما قبلها أنه سبحانه لما قال فيما قبل يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ [الإنسان : ٣١] إلخ افتتح هذه بالإقسام على ما يدل على تحقيقه وذكر وقته وأشراطه وقيل إنه سبحانه أقسم على تحقيق جميع ما تضمنته السورة قبل من وعيد الكافرين الفجار ووعد المؤمنين الأبرار (١)
* سورة المرسلات مكية، وهي كسائر السور المكية تعالج أمور العقيدة، وتبحث عن شؤون الآخرة، ودلائل القدرة والوحدانية، وسائر الأمور الغيبية.
* ابتدات السورة الكريمة بالقسم بأنواع الملائكة، المكلفين بتدبير شؤون الكون، على أن القيامة حق، وأن العذاب والهلاك واقع على الكافرين [ والمرسلات عرفا، فالعاصفات عصفا، والناشرات نشرا، فالفارقات فرقا، فالملقيات ذكرا، عذرا أو نذرا، إنما توعدون لواقع ] الآيات.
* ثم تحدثت عن وقت ذلك العذاب الذي وعد به المجرمون [ فإذا النجوم طمست، وإذا السماء فرجت، وإذا الجبال نسف، وإذا الرسل اقتت، لأي يوم أجلت، ليوم الفصل، وما أدراك ما يوم الفصل ].
* وتناولت السورة بعد ذلك دلائل قدرة الله الباهرة، على إعادة الإنسان بعد الموت، وإحيائه بعد الفناء [ ويل يومئذ للمكذبين، ألم نهلك الأولين، ثم نتبعهم الأخرين، كذلك نفعل بالمجرمين، ويل يومئذ للمكذبين، ألم نخلقكم من ماء مهين ] الآيات.
* ثم تحدثت عن مآل المجرمين في الآخرة، وما يلقون فيه من نكال وعقاب [ ويل يومئذ! للمكذبين، انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون، انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل! ولا يغني من اللهب، إنها ترمى بشرر كالقصر، كأنه جمالت صفر.. ] الآيات.
* وبعد الحديث عن المجرمين، تحدثت السورة عن المؤمنين المتقين، وذكرت ما أعده الله تعالى لهم من أنواع النعيم ووالإكرام [ إن المتقين في ظلال وعيون، وفواكه مما يشتهون، كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون، إنا كذلك نجزي المحسنين ] الآيات.

(١) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ١٨٧)


الصفحة التالية
Icon