وفى عجب واستنكار، حتى ليتساءل الوجود كله : إذن فبأى حديث بعد هذا الحديث يؤمن هؤلاء الضالون المكذبون؟
وتجىء سورة « النبأ » بعد هذا التساؤل الاستنكارى لنمسك بهم وهم فى حديث عن هذا الحديث، وفى بلبلة واضطراب من أمره، وفى تنازع واختلاف فيه، لا يجدون ـ حتى فى أودية الزور والبهتان ـ الكلمة التي يقولونها فيه، والتهمة التي يلصقونها به.. إن أية قولة زور يزينها لهم الشيطان ليلقوا بها فى وجه القرآن، لتسقط على رءوسهم، كما يسقط الحصى برمى به فى وجه الشمس، ليخفى ضوءها، أو يعطل مسيرتها.." (١)
ما استملت عليه :
سورة عم مكية وتسمى [ سورة النبأ ] لأن فيها الخبر الهام عن القيامة والبعث والنشور، ومحور السورة يدور حول إثبات عقيدة البعث " التى طالما انكرها المشركون، وكذبوا بوقوعها، وزعموا أن لا بعث، ولا جزاء ولا حساب !!.
* ابتدات السورة الكريمة بالإخبار عن موضوع القيامة، والبعث والجزاء، هذا الموضوع الذي شغل أذهان الكثيرين من كفار مكة، حتى صاروا فيه ما بين مصدق ومكذب [ عم يتساءلون، عن النبأ العظيم.. ] الآيات.
* ثم أقامت الدلائل والبراهين على قدرة رب العالمين، فان الذي يقدر على خلق العجائب والبدائع، لا يعجزه إعادة خلق الإنسان بعد فنائه [ الم نجعل الأرض مهادا، والجبال اوتادا، وخلقناكم أزواجا، وجعلنا نومكم سباتا ] الايات.
* ثم اعقبت ذلك بذكر البعث، وحددت وقته وميعاده، وهو يوم الفصل بين العباد، حيث يجمع الله الأولين والاخرين للحساب [ إن يوم الفصل كان ميقاتا، يوم ينفخ في الصور فتأتون افواجا.. ] الايات.
* ثم تحدثت عن جهنم التي اعدها الله للكافرين، وما فيها من الوان العذاب المهين [ ان جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها احقابا ] الايات.
* وبعد الحديث عن الكافرين، تحدثت عن المتقين، وما اعد الله تعالى لهم من ضروب النعيم، على طريقة القران في الجمع بين (الترهيب والترغيب ) [ إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا، وكواعب أترابا، وكأسا دهاقا ] الايات.

(١) - التفسير القرآني للقرآن - (٢ / ٤١٥)


الصفحة التالية
Icon