فعلا، إنهم لم يبرحوا هذه الدنيا بعد.. فماذا هم فاعلون ؟.. هذا سؤال ستكشف الأيام عن الجواب الذي يعطيه هؤلاء المشركون عنه.. (١)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « التكوير »، وتسمى - أيضا - بسورة :« إذا الشمس كورت »، وهي من السور المكية بلا خلاف، وعدد آياتها : تسع وعشرون آية.
وتعتبر من أوائل السور القرآنية نزولا، فهي السورة السادسة أو السابعة في ترتيب النزول، فقد كان نزولها بعد سورة الفاتحة. وقبل سورة « الأعلى ».
أخرج الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه - ﷺ - :« من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى العين، فليقرأ « إذا الشمس كورت »، « وإذا السماء انفطرت » « وإذا السماء انشقت ».
٢ - والمتأمل في هذه السورة الكريمة، يراها في نصفها الأول، تسوق أمارات يوم القيامة وعلاماته، بأسلوب مؤثر يبعث في القلوب الخوف والوجل.
ويراها في نصفها الثاني تؤكد أن هذا القرآن الكريم من عند اللّه - تعالى -، وليس من كلام البشر، وأن جبريل الأمين قد نزل به على قلب النبي - ﷺ -. (٢)
السورة فصلان، الأول في صدد يوم القيامة وهول أعلامه وحساب الناس فيه ومصائرهم، والثاني في صدد توكيد صدق ما أخبر به النبي - ﷺ - من صلته بوحي اللّه وملكه ونفي الجنون عنه وصلة الشيطان به. والفصلان على اختلاف موضوعيهما غير منفصلين عن بعضهما، والمرجح أنهما نزلا متتابعين فوضع الواحد بعد الآخر. (٣)
سورة التكوير مكيّة، وهي تسع وعشرون آية.
تسميتها : سميت سورة التكوير، لافتتاحها بقوله تعالى : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أي جمع بعضها إلى بعض، ثم لفّت، فرمى بها، ومحى ضوؤها.
مناسبتها لما قبلها :
توضح كل من السورتين أهوال القيامة وشدائدها، ففي سورة عبس قال تعالى : فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ، يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ.. [٣٣ - ٤٢] وفي هذه السورة قال سبحانه : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.. إلخ،

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٤٦٦)
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٢٩٥)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (١ / ٤٩٩)


الصفحة التالية
Icon