فلما ذكر سبحانه الطامة والصاخة في خاتمتي السورتين المتقدمتين، أردفهما بذكر سورتين مشتملتين على أمارات القيامة وعلامات يوم الجزاء.
ما اشتملت عليه السورة :
هذه السورة كغيرها من السور المكية تتعلق بالعقيدة، فهي تقرر ما يوجد في يوم القيامة من أحوال، وتثبت أن القرآن الكريم منزل من عند اللّه تعالى.
وقد ابتدأت ببيان أهوال القيامة، وما يصحبها من تغيرات كونية غريبة، تشمل كل ما يشاهده الإنسان في الدنيا من السماء وكواكبها، والأرض وجبالها وبحارها ووحوشها، والنفوس البشرية ومظالمها، وتبرز بعدئذ الجحيم ونيرانها، والجنة ونعيمها : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.. [الآيات : ١ - ١٤].
ثم تحدثت عن القرآن وتنزيله من اللّه بواسطة جبريل الأمين على قلب النبي المصطفى - ﷺ -، وإثبات نبوته ورسالته وأمانته في تبليغ الوحي وأهليته العالية لتلقي الوحي، ورؤيته جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية : فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ.. [الآيات : ١٥ - ٢٥].
وختمت السورة ببيان ضلال المشركين، وأن القرآن عظة وذكرى لجميع العالمين من الإنس والجن ممن أراد الهداية وأقبل على الخير، وأن مشيئة العبد تابعة لمشيئة اللّه تعالى، فلا يستطيع الاستقلال بعمل ما دون إرادة اللّه. (١)
وهي مكية. وآياتها تسع وعشرون آية، وقد تضمنت الكلام على البعث بذكر مقدماته. وما يكون فيه، ثم القسم المؤكد على أن القرآن حق أوحى به إلى محمد على لسان جبريل الأمين. وما كان محمد بمجنون ولا متهم. (٢)
ويقال سورة كورت وسورة إذا الشمس كورت وهي مكية بلا خلاف وآيها تسع وعشرون آية، وفي التيسير ثمان وعشرون، وفيها من شرح حال يوم القيامة الذي تضمنه آخر السورة قبل ما فيها وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه - ﷺ - :«من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت» أي السور الثلاث وكفى بذلك مناسبة. (٣)
* سورة التكوير من السور المكية، وهي تعالج حقيقتين هامتين هما :(حقيقة القيامة) وحقيقة (الوحي والرسالة) وكلاهما من لوازم الإيمان وأركانه.
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٨٢٧)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ٢٥٣)