* ابتدات السورة الكريمة ببيان القيامة، وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل، يشمل الشمس والنجوم، والجبال، والبحار، والأرض، والسماء، والأنعام، والوحوش، كما يشمل البشر ويهز الكون هزا عنيفا طويلا، ينتثر فيه كل ما في الوجود، ولا يبقى شيء إلا قد تبدل وتغير من هول ما يحدث في ذلك اليوم الرهيب [ إذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا الجبال سيرت، وإذا العشار عطلت، وإذا الوحوش حشرت، وإذا البحار سجرت ] الآيات.
* ثم تناولت (حقيقة الوحي ) وصفة النبي الذي يتلقاه، ثم شأن القوم المخاطبين بهذا الوحي، والرسول الذي نزل لينقلهم من ظلمات الشرك والضلال، إلى نور العلم والإيمان [ فلا أقسم بالخنس، الجوار الكنس، والليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس، إنه لقول رسول كريم ] الآيات.
* وختمت السورة الكريمة ببيان بطلان مزاعم المشركين، حول القرآن العظيم، وذكرت أنه موعظة من الله تعالى لعباده [ فأين تذهبون، إن هو إلا ذكر للعالمين، لمن شاء منكم أن يستقيم [ وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين. (١)
مقصودها التهديد الشديد بيوم الوعيد الذي هو محط الرحال، لكونه أعظم مقام لظهور الجلال، لمن طذب بأن هذا القرآن تذكرة لمن ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة، والدلالة على حقية كونه كذلك بأن السفير به أمين في الملأ الأعلى مكين المكانف فيما هنالك والموصل بعه إلينا منزه عن التهمة برئ من النقص لما يعلمونه من حاله قبل النبوة وما كانوا يشهدون له به من أمره ولم يأتهم بعدها إلا بما هو شرف له وتذكير بما في أنفسهم وفي الآفاق ومن الآيات، وذلك كاف لهم في الحكم بأنه صدق والعم اليقين بأنه حق، واسمها التكوير أدل ما فيها على ذلك بتأمل الظرف وجوابه وما فيه من بديع القول وصوابه، وما تسبب عنه من عظم الشأن لهذا القرآن (٢)
هذه السورة ذات مقطعين اثنين تعالج في كل مقطع منهما تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة :
الأولى حقيقة القيامة، وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل، يشمل الشمس والنجوم والجبال والبحار، والأرض والسماء، والأنعام والوحوش، كما يشمل بني الإنسان.
والثانية حقيقة الوحي، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحمله، وصفة النبي الذي يتلقاه، ثم شأن القوم المخاطبين بهذا الوحي معه، ومع المشيئة الكبرى التي فطرتهم ونزلت لهم الوحي.
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٣٣٥)