* ثم تناولت موقف المشركين من هذا القرآن العظيم، وأقسمت بأنهم سيلقون الأهوال والشدائد ويركبون الأخطار والأهوال، في ذلك اليوم الرهيب العصيب، الذي لا ينفع فيه مال ولا ولد [ فلا أقسم بالشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق، لتركبن طبقا عن طبق ] الآيات
* وختمت السورة الكريمة بتوبيخ المشركين على عدم إيمانهم بالله، مع وضوح آياته وسطوع براهينه، وبشرتهم بالعذاب الأليم في دار الجحيم [ فما لهم لا يؤمنون، وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون، بل الذين كفروا يكذبون، والله أعلم بما يوعون، فبشرهم بعذاب أليم، إلا الذين آمنوآ وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون (١)
مقصودها الدلالة على آخر المطففين من أن الأولياء ينعمون والأعداء يعذبون، لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث ولا بالعرض على الملك الذي أوجدهم ورباهم كما يعرض الملوك عبيدهم ويحكمون بينهم فينقسمون إلى أهل ثواب وأهل عقاب واسمها الانشقاق أدل دليل على ذلك بتأمل الظرف وجوابه الدلال على الناقد البصير وحسابه (٢)
تبدأ السورة ببعض مشاهد الانقلاب الكونية التي عرضت بتوسع في سورة التكوير، ثم في سورة الانفطار.
ومن قبل في سورة النبأ. ولكنها هنا ذات طابع خاص. طابع الاستسلام للّه. استسلام السماء واستسلام الأرض، في طواعية وخشوع ويسر :«إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ، وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ. وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ، وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ، وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ»..
ذلك المطلع الخاشع الجليل تمهيد لخطاب «الْإِنْسانُ»، وإلقاء الخشوع في قلبه لربه. وتذكيره بأمره وبمصيره الذي هو صائر إليه عنده. حين ينطبع في حسه ظل الطاعة والخشوع والاستسلام الذي تلقيه في حسه السماء والأرض في المشهد الهائل الجليل :«يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ. فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً، وَيَصْلى سَعِيراً. إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً. إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ. بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً»..

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٤٧١)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٣٦٧)


الصفحة التالية
Icon