الذين طرحوا المؤمنين في النار، ليفتنوهم عن دينهم [ والسماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود، قتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ] الآيات
* ثم تلاها الوعيد والإنذار، لأولئك الفجار على فعلتهم القبيحة الشنيعة [ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق
* وبعد ذلك تحدثت عن قدرة الله على الإنتقام من أعدائه الكفرة، الذين فتنوا عباده وأولياءه إن بطش ربك لشديد، إنه هو يبدىء ويعيد، وهو الغفور الودود، ذو العرش المجيد ]
* وختمت السورة الكريمة بقصة الطاغية الجبار " فرعون " وما أصابه وقومه من الهلاك والدمار بسبب البغي والطغيان [ هل أتاك حديث الجنود، فرعون وثمود، بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط ] إلى نهاية السورة الكريمة (١)
مقصودها الدلالة على القدرة على مقصود الانشقاق الذي هو صريح آخرها من تنعيم الولي وتعذيب الشقي بمن عذبه في الدنيا ممن لا يمكن في العادة أن يكون عذابه ذلك إلا من الله وحده تسلية لقلوب المؤمنين وتثبيتا لهم على أذى الكافرين، وعلى ذلك الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلما (٢)
هذه السورة القصيرة تعرض، حقائق العقيدة، وقواعد التصور الإيماني.. أمورا عظيمة وتشع حولها أضواء قوية بعيدة المدى، وراء المعاني والحقائق المباشرة التي تعبر عنها نصوصها حتى لتكاد كل آية - وأحيانا كل كلمة في الآية - أن تفتح كوة على عالم مترامي الأطراف من الحقيقة..
والموضوع المباشر الذي تتحدث عنه السورة هو حادث أصحاب الأخدود.. والموضوع هو أن فئة من المؤمنين السابقين على الإسلام - قيل إنهم من النصارى الموحدين - ابتلوا بأعداء لهم طغاة قساة شريرين، أرادوهم على ترك عقيدتهم والارتداد عن دينهم، فأبوا وتمنعوا بعقيدتهم. فشق الطغاة لهم شقا في الأرض، وأوقدوا فيه النار، وكبوا فيه جماعة المؤمنين فماتوا حرقا، على مرأى من الجموع التي حشدها المتسلطون لتشهد مصرع الفئة المؤمنة بهذه الطريقة البشعة، ولكي يتلهى الطغاة بمشهد الحريق. حريق الآدميين المؤمنين :«وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»..
تبدأ السورة بقسم :«وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ..»
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٣٧٦)