(٣) سورة آل عمران
سمّيت هذه السورة في كلام النبي ( - ﷺ - ) وكلام الصحابة : سورة آل عمران، ففي ( صحيح مسلم )، عن أبي أمامة : قال سمعت رسول الله يقول :( اقرأوا الزهراوين : البقرة وآل عمران ) وفيه عن النَّوّاس بن سِمْعَان : قال سمعت النبي يقول :( يؤتَى بالقرآن يوم القيامة تقدمُه سورة البقرة وآل عمران ) وروى الدارمي في ( مسنده ) : أنّ عثمان بن عَفان قال :( من قرأ سورة آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة ) وسمّاها ابن عباس. في حديثه في ( الصحيح ). قال :( بِتّ في بيت رسول الله فنام رسول الله حتى إذا كان نصفُ الليل أو قبلَه بقليل أو بعدَه بقليل استيقظ رسول الله فقرأ الآيات من آخر سورة آل عمران ). ووجه تسميتها بسورة آل عمران أنَّها ذُكرت فيها فضائل آل عمران وهو عمران بن ماتان أبو مريم وءاله هم زوجه حنة وأختها زوجة زكرياء النبي. وزكرياء كافل مريم إذ كان أبوها عمران توفي وتركها حمْلا فكفلها زوج خالتها.
ووصفها رسول الله ( - ﷺ - ) بالزّهراء في حديث أبي أمامة المتقدّم.
وذكر الألوسي أنّها تسمّى : الأمان، والكَنز، والمُجادِلة، وسورَة الاستغفار. ولم أره لِغيره، ولعلّه اقتبس ذلك من أوصاف وُصفت بها هذه السورة ممّا ساقه القرطبي، في المسألة الثالثة والرابعة، من تفسير أول السورة.
وهذه السورة نزلت بالمدينة بالاتّفاق، بعد سورة البقرة، فقيل : إنّها ثانية لسورة البقرة على أنّ البقرة أولُ سورة نزلت بالمدينة، وقيل : نزلت بالمدينة سورة المطفّفين أولاً، ثم البقرة، ثم نزلت سورة آل عمران، ثم نزلت الأنفال في وقعة بدر، وهذا يقتضي : أنّ سورة آل عمران نزلت قبل وقعة بدر، للاتّفاق على أن الأنفال نزلت في وقعة بدر، ويُبعد ذلك أنّ سورة آل عمران اشتملت على التذكير بنصر المسلمين يومَ بدر، وأنّ فيها ذكْر يوم أحد، ويجوز أن يكون بعضها نزل متأخّراً. وذَكَر الواحدي في أسباب النزول، عن المفسّرين : أنّ أول هذه السورة إلى قوله :( ونحن له مسلمون ( ( آل عمران : ٨٤ ) نزل بسبب وقد نجران، هو وفد السيد والعاقب، أي سنة اثنتين من الهجرة، ومن العلماء من قالوا : نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال، وكان نزولها في وقعة أحد، أي شوال سنة ثلاث، وهذا وأقرب، فقد اتفق المفسّرون على أنّ قوله تعالى :( وإذ غدوت من أهلك تُبَوِّىءُ المؤمنون مقاعد للقتال ( ( آل عمران : ١٢١ ) أنّه قتال يوم أحُد. وكذلك قوله :( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ( ( آل عمران : ١٤٤ ) فإنّه مشير إلى الإرجاف يومَ أحد بقتل النبي ( - ﷺ - )