٢ - التشابه في الكلام عن البعث والمعاد وعن صفة القرآن للردّ على المشركين المكذّبين به وبالبعث، ففي سورة البروج : إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ [١٣]، وفي هذه السورة : إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ [٨]، وفي السورة السابقة : بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [٢١ - ٢٢]، وفي هذه السورة : إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ [١٣].
ما اشتملت عليه السورة :
إن محور هذه السورة المكية كغيرها من السور المكية الكلام عن الإيمان بالبعث والمعاد والحساب والجزاء، وإثباته بخلق الإنسان من العدم لأن القادر على البدء قادر على الإعادة بعد الموت.
وقد افتتحت السورة بالقسم بالسماء وبالكواكب المضيئة ليلا على أن كل إنسان محفوظ بالملائكة الأبرار : وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ.. [الآيات : ١ - ٤].
ثم أقام اللَّه تعالى الدليل على إمكان البعث وقدرته عليه بعد الموت والفناء بخلق الإنسان أول مرة من تراب ثم من نطفة : فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ...[الآيات : ٥ - ٨].
وأعقبت السورة ذلك ببيان كشف الأسرار في الآخرة على نحو كامل تام، في حالة كون الإنسان بين يدي العدالة الإلهية دون أن يكون له قوة ولا نصير : يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ، فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ [٩ - ١٠].
وختمت السورة بالقسم الإلهي بالسماء والأرض على صدق القرآن وأنه القول المحكم الفصل بين الحق والباطل، وعلى تهديد الكفار المكذبين به ووعيدهم : وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ.. [١١ - ١٧]. (١)
وهي مكية. وعدد آياتها سبع عشرة آية، وقد تكلمت على إثبات أن للنفس حافظا يحفظها وهو اللّه، والدليل على ذلك، ثم على إثبات البعث، ثم ختمت بالكلام على القرآن، وكيد الكفار والمشركين ويتبع ذلك تصديق النبي - ﷺ -. (٢)
مكية بلا خلاف وهي سبع عشرة آية على المشهور وفي التيسير ست عشرة، ولما ذكر سبحانه فيما قبلها تكذيب الكفار للقرآن نبه تعالى شأنه هنا على حقارة الإنسان ثم استطرد جل وعلا منه إلى وصف القرآن ثم أمر سبحانه نبيه - ﷺ - بإمهال أولئك المكذبين (٣)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٨٥٠)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ٣٠٥)