اشتملت على تنزيه الله تعالى والإشارة إلى وحدانيته لانفراده بخلق الإنسان وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبي - ﷺ - وتثبيته على تلقي الوحي.
وأن الله معطيه شريعة سمحة وكتابا يتذكر به أهل النفوس الزكية الذين يخشون ربهم، ويعرض عنهم أهل الشقاوة الذين يؤثرون الحياة الدنيا ولا يعبأون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحي إليه يصدقه ما في كتب الرسل من قبله وذلك كله تهوين لما يلقاه من إعراض المشركين. (١)
مناسبتها لما قبلها
ختمت سورة « الطارق » ـ قبل هذه السورة بقوله تعالى :« إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً. وَأَكِيدُ كَيْداً. فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً » وفى هذا ـ كما عرفنا ـ تهديد للمشركين، وتطمين لقلب النبي، وحماية له من هذا الكيد الذي يكاد له، فناسب أن تجىء بعد ذلك سورة « الأعلى » مبتدئة بقوله تعالى :« سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى »، ففى هذا الاستفتاح دعوة إلى تمجيد اللّه وتعظيمه، والتسبيح بحمده، على أن أخذ الظالمين بظلمهم، وأبطل كيدهم.. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الأعلى » تسمى - أيضا - بسورة :« سبح اسم ربك الأعلى »، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه - ﷺ - قال لمعاذ - عند ما بلغه أنه يطيل الصلاة وهو يصلى بجماعة :« أفتان أنت يا معاذ؟ هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى. والشمس وضحاها.
والليل إذا يغشى »
..
٢ - وسورة « الأعلى » من السور التي كان النبي - ﷺ - يحب قراءتها، لاشتمالها على تنزيه اللّه - تعالى -، وعلى الكثير من نعمه ومننه، فقد أخرج الإمام أحمد عن على بن أبى طالب، قال : كان رسول اللّه - ﷺ - يحب هذه السورة.
وعن النعمان بن بشير، أن رسول اللّه - ﷺ - قرأ في العيدين : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ، وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا.

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٢٤٠)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٥٢٦)


الصفحة التالية
Icon