في السورة تنديد بالذين يقفون موقف المشاقّة والمشاكسة ويتباهون بأموالهم غير حاسبين حساب العاقبة. وتقرير لقابلية الإنسان للاختيار بين الخير والشر.
وحثّ على الإيمان والتواصي بالصبر والمرحمة والمكرمات الأخرى وفي مقدمتها عتق الرقيق. وأسلوبها عام إجمالا. (١)
سورة البلد مكيّة، وهي عشرون آية.
تسميتها : سميت سورة البلد لأن اللَّه تعالى أقسم في فاتحتها بالبلد الحرام (مكة) الذي شرفه اللَّه بالبيت العتيق، وجعله قبلة المسلمين، تعظيما لشأنه.
مناسبتها لما قبلها :
ترتبط السورة بما قبلها من وجهين :
١ - ذم اللَّه تعالى في السورة السابقة (الفجر) من أحب المال، وأكل التراث، ولم يحض على طعام المسكين، وذكر في هذه السورة الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة (إعتاق العبيد) والإطعام في يوم المسغبة (المجاعة).
٢ - ختم اللَّه تعالى السورة المتقدمة ببيان حال النفس المطمئنة في الآخرة، وذكر هنا طريق الاطمئنان، وحذّر من ضده وهو الكفر بآيات اللَّه ومخالفة أوامر الرحمن.
ما اشتملت عليه السورة :
محور هذه السورة المكية الحديث عن سعادة الإنسان وشقاوته، ومنهجه في اختيار أحد الطريقين. بدأت بالقسم بالبلد الحرام - مكة أم القرى، التي يأمن الناس فيها، تنبيها على عظمة قدرها، سواء في حال الإحرام أو الحل، وتنويها بموطن النبي - ﷺ - وتعظيم تحريم إيذائه في البلد الأمين، ثم ذكرت المقسم عليه وهو أن حال الإنسان في الدنيا في نصب وتعب : لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ..[الآيات ١ - ٤].
وأردفت ذلك بالإخبار عن خلق ذميم في الإنسان وهو اغتراره بقوته، مما حدا بكفار مكة الذين اغتروا بقوتهم أن يعاندوا الحق، ويكذبوا رسول اللَّه - ﷺ -، وينفقوا أموالهم في المفاسد والشرور، وهو شأن المفتونين المغرورين بمالهم وغناهم : أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ..[الآيات ٥ - ٧].
ثم ذكّرت الإنسان بما أنعم اللَّه عليه من العينين واللسان والشفتين وبيان طريق الخير والشر له، واختياره أحد السبيلين بعقله وإرادته : أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ.. [الآيات ٨ - ١٠].