ثم ذكره الله بما حفه به من ألطافه وعنايته في صباه وفي فتوته وفي وقت اكتهاله وأمره بالشكر على تلك النعم بما يناسبها مع نفع لعبيده وثناء على الله بما هو أهله. (١)
مناسبتها لما قبلها
هذه السورة متمة لسورة « الضحى » قبلها، فكلتاهما عرض لما أنعم اللّه به على النبي، وتذكير له بهذه النعم، وتوجيه له إلى ما ينبغى أن يؤديه لها من حقّ عليه.. وهكذا شأن كل نعمة ينعم اللّه بها على الإنسان، لا تتم إلا بالشكر للمنعم، وبالإنفاق منها على كل ذى حاجة إليها. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الضحى » من السور المكية الخالصة، بل هي من أوائل السور المكية، فقد كان نزولها بعد سورة « الفجر » وقبل سورة « الانشراح »، وتعتبر بالنسبة لترتيب النزول السورة الحادية عشرة من بين السور المكية، أما ترتيبها في المصحف فهي السورة الثالثة والتسعون، وعدد آياتها إحدى عشرة آية.
٢ - والقارئ لها، يرى بوضوح أنها نزلت في فترة تأخر نزول الوحى فيها على النبي - ﷺ - وأن المشركين قد أشاعوا الشائعات الكاذبة حول سبب تأخر الوحى، فنزلت هذه السورة الكريمة، لتخرس ألسنتهم. ولتبشر النبي - ﷺ - برضا ربه - تعالى - عنه، ولتسوق جانبا من نعم خالقه عليه، ولترشده - بل وترشد أمته في شخصه - بالمداومة على مكارم الأخلاق، التي من مظاهرها : العطف على اليتيم، والإحسان إلى السائل، وعدم كتمان نعم اللّه - تعالى -. (٣)
في هذه السورة تطمين النبي - ﷺ - بعدم ترك اللّه إياه. وتذكير له بما كان من أفضاله عليه، وحثه على البر باليتيم والسائل والتحدث بنعمة اللّه. وأسلوبها ومضمونها يلهمان أنها نزلت في ظروف أزمة نفسية ألمّت بالنبي - ﷺ -، وأن نزولها كان في عهد مبكر من الدعوة. وفيها إشارة إلى نشأة النبي - ﷺ - في طفولته وحاله الاقتصادية والروحية في شبابه. (٤)
سورة الضحى مكيّة، وهي إحدى عشرة آية.
تسميتها : سميت سورة الضحى تسمية لها باسم فاتحتها، حيث أقسم اللَّه بالضحى :
وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس، تنويها بهذا الوقت المهم الذي هو نور، ولأنها نزلت في شأن النبي - ﷺ -، فافتتحت بالضحى. ولما كانت سورة الليل نازلة في بخيل، افتتحت بالليل.

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٣٤٧)
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٠٤)
(٣) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٤٢٥)
(٤) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (١ / ٥٤٩)


الصفحة التالية
Icon