ولكن ميل الإنسان إلى حب العاجلة، قد أغراه باقتطاف الذات الدانية له من دنياه، دون أن يلتفت إلى الآخرة، أو يعمل لها، فردّ إلى أسفل سافلين.. وقليل هم أولئك الذين عرفوا قدر أنفسهم، فعلوا بها عن هذا الأفق الضيق، ونظروا إلى ماوراء هذه الدنيا. (١)
مقدمة وتمهيد
١ - وتسمى - أيضا - سورة « والتين » وعدد آياتها ثماني آيات، والصحيح أنها مكية.
وقد روى ذلك عن ابن عباس وغيره، ويؤيد كونها مكية، القسم بمكة في قوله - تعالى - : وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، وعن قتادة أنها مدنية، وهو قول لا دليل عليه.
وكان نزولها بعد سورة « البروج »، وقبل سورة « لإيلاف قريش ».
٢ - وقد اشتملت هذه السورة الكريمة، على التنبيه بأن اللّه - تعالى - قد خلق الإنسان في أحسن تقويم، فعليه أن يكون شاكرا لخالقه، مخلصا له العبادة والطاعة. (٢)
في السورة تنويه بتكوين الإنسان ومواهبه، وتنبيه إلى ما يمكن أن يتردى إليه من الانحطاط بالانحراف عن الإيمان والعمل الصالح، وتوكيد بالجزاء الأخروي واتساق ذلك مع عدل اللّه وحكمته، والسورة عامة التوجيه والعرض.
وقد روت بعض الروايات أنها مدنية، غير أن أكثر الروايات متفقة على مكيتها وأسلوبها يؤيد ذلك. (٣)
سورة التين مكيّة، وهي ثماني آيات.
تسميتها : سميت سورة التين لأن اللَّه تعالى أقسم في مطلعها بالتين والزيتون، لما فيهما من خيرات وبركات، ومنافع : وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ...
مناسبتها لما قبلها :
ذكر اللَّه تعالى في السورة المتقدمة حال أكمل الناس خلقا وخلقا، وأنه أفضل العالم، ثم ذكر في هذه السورة حال النوع الإنساني وما ينتهي إليه أمره من التدني ودخول جهنم إن عادى رسول اللَّه - ﷺ -، أو دخول الجنة إن آمن به وعمل صالحا.
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت هذه السورة المكية بيان أمور ثلاثة متعلقة بالإنسان وعقيدته :
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٤٤٣)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ١٦٣)