مبكرة صورتين متماثلتين. ولقد جاء في حديث رواه الترمذي عن أنس أن قراءة هذه السورة تعدل نصف القرآن وفي حديث آخر عنه أنها تعدل بربع القرآن «٣».
وقد يكون التباين من الرواة. وعلى كل حال فقد يكون قصد التذكر بأهوال يوم القيامة والحثّ على الخير واجتناب الشرّ من الحكمة المتوخاة في الحديث واللّه تعالى أعلم. (١)
سورة الزلزلة مدنيّة، وهي ثماني آيات.
تسميتها : سميت سورة الزلزلة أو الزلزال لافتتاحها بالإخبار عن حدوث الزلزال العنيف قبيل يوم القيامة : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها. وهي سورة مدنية، وقال ابن كثير : هي مكية.
مناسبتها لما قبلها :
لما ذكر اللَّه تعالى في آخر سورة البيّنة وعيد الكافر ووعد المؤمن وأن جزاء الكافرين نار جهنم، وجزاء المؤمنين جنات، بيّن هنا وقت ذلك الجزاء وبعض أماراته وهو الزلزلة وإخراج الأرض أثقالها، فكأنه قيل : متى يكون ذلك؟
فقال : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها أي يكون يوم زلزلة الأرض. ثم إنه تعالى أراد أن يزيد في وعيد الكافر، فقال : أجازيه حينما تزلزل الأرض، مثل قوله تعالى : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران ٣/ ١٠٦]. ثم ذكر ما للطائفتين، فقال : فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ.. [١٠٦]، وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ [١٠٧]. ثم جمع بينهما هنا في آخر السورة بذكر الذرّة من الخير والشر.
ما اشتملت عليه السورة :
أسلوب هذه السورة المدنية وموضوعها يشبه أسلوب وموضوع السور المكية، لإخبارها عن أهوال القيامة وشدائدها.
وقد اشتملت على مقصدين :
١ - بيان حدوث الزلزال والاضطراب الشديد للأرض يوم القيامة، فينهار كل ما عليها، ويخرج الناس الموتى من بطنها من قبورهم، وتشهد حينئذ على كل إنسان بما عمل على ظهرها : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها [الآيات : ١ - ٥].
٢ - الحديث عن ذهاب الخلائق لموقف العرض والحساب، ثم مجازاتهم على أعمالهم، وقسمتهم فريقين : سعيد إلى الجنة، وشقي إلى النار : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً.. [٦ - ٨].