سبب نزولها : كان الكفار يسألون كثيرا عن الساعة ويوم الحساب، فيقولون : أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ؟ [القيامة ٧٥/ ٦]. مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ [الملك ٦٧/ ٢٥]. مَتى هذَا الْفَتْحُ؟ «١» [السجدة ٣٢/ ٢٨] ونحو ذلك، فأبان لهم في هذه السورة علامات القيامة فحسب، ليعلموا أن علم ذلك عند اللَّه، ولا سبيل إلى تعيين ذلك اليوم للعرض والحساب والجزاء. (١)
مدنية، وقيل : إنها مكية. آياتها ثمان آيات، وفيها أثبت اللّه أن الخير مهما كان سيجازى عليه صاحبه، وأن الشر مهما كان سيجازى عليه صاحبه، كل ذلك يوم القيامة. (٢)
ويقال سورة إذا زلزلت وهي مكية في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء، ومدنية في قول قتادة ومقاتل. واستدل له في الإتقان بما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه، قال : لما نزلت فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ [الزلزلة : ٧] إلخ قلت : يا رسول اللّه إني لراء عملي؟ قال :«نعم» قلت : تلك الكبار الكبار؟ قال :«نعم» قلت : الصغار الصغار؟ قال :«نعم». قلت : وا تكل أمي؟ قال :«أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها» الحديث. وأبو سعيد لم يكن إلّا بالمدينة ولم يبلغ إلا بعد أحد. وآيها ثمان في الكوفي والمدني الأول وتسع في الباقية وصح في حديث الترمذي والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس مرفوعا :«إذا زلزلت تعدل نصف القرآن». وجاء في حديث آخر تسميتها ربعا ووجه ما في الأول بأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على أحكام الآخرة إجمالا وزادت على القارعة بإخراج الأثقال وبحديث الأخبار وما في الآخر بأن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان في الحديث الذي رواه الترمذي :«لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر». وسيأتي إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق بهذا المقام، وكأنه لما ذكر عز وجل في السورة السابقة جزاء الفريقين المؤمنين والكافرين كان ذلك كالمحرك للسؤال عن وقته فبينه جل شأنه في هذه السورة (٣)
سورة الزلزلة مدنية، وهي في أسلوبها تشبه السور المكية، لما فيها من أهوال وشدائد يوم الفيامة، وهي هنا تتحدث عن الزلزال العنيف الذي يكون بين يدي الساعة، حيث يندك كل صرح شامخ، وينهار كل جبل راسخ، ويحصل من الأمور العجيبة الغريبة، ما يندهش له الإنسان، كإخراج الأرض ما فيها من موتى، وإلقائها ما في بطنها، من كنوز ثمينة من ذهب وفضة، وشهادتها على كل إنسان بما عمل على ظهرها، تقول : عملت يوم كذا، كذا وكذا، وكل هذا من عجائب ذلك اليوم الرهيب، كما
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٨٩٢)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ٤٣٣)