٢ - ومن أهم أغراضها : التهديد الشديد لمن يعيب الناس، ويتهكم بهم، ويتطاول عليهم، بسبب كثرة ماله، وجحوده للحق.
وقد ذكروا أن هذه السورة الكريمة نزلت في شأن جماعة من أغنياء المشركين، منهم : الوليد ابن المغيرة، وأمية بن خلف، وأبى بن خلف... كانوا يؤذون النبي - ﷺ - وأصحابه، ويشيعون الأقوال السيئة عنهم.
وهذا لا يمنع أن السورة الكريمة تشمل أحكامها كل من فعل مثل هؤلاء المشركين، إذ العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب. (١)
في السورة حملة على من اعتاد السخرية بالناس ولمزهم والتفاخر بماله، ومع صلتها بالسيرة النبوية وبعض صور مواقف الأغنياء فيها فأسلوبها عام مطلق. (٢)
سورة الهمزة مكيّة، وهي تسع آيات.
تسميتها : سميت سورة الهمزة لبدئها بقول اللَّه تبارك وتعالى : وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ والهمزة : الذي يغتاب الناس ويطعن بهم بقول أو فعل أو إشارة، واللمزة : الذي يعيب الناس بإشارة الحاجب والعين. قال ابن عباس : الهمزة : المغتاب، واللمزة : العياب.
مناسبتها لما قبلها :
بعد أن ذكر اللَّه تعالى في السورة المتقدمة أن جنس الإنسان في خسران ونقص وهلكة، أبان في هذه السورة حال الخاسر وأراد به تبيان الخسران بمثال واحد.
ما اشتملت عليه السورة :
هذه السورة المكية في علاج مشكلة خلقية مستعصية بين الناس وهي الطعن في الآخرين بالغيبة أثناء غيابهم، أو بالعيب حال حضورهم.
وقد بدأت بالإخبار عن العذاب الشديد لكل عيّاب طعّان للناس، ينتقص الآخرين ويزدريهم ويسخر بهم : وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [١].
ثم ذمّت السورة الذين يحصرون على جمع الأموال في الدنيا، كأنهم مخلدون فيها : الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ... [٢ - ٣].
وختمت بردع الفريقين السابقين، وأنبأتهم بمصيرهم الأسود وهو النبذ في الحطمة : نار جهنم. (٣)

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٥٠٣)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ٢٠٥)
(٣) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٣٩٦)


الصفحة التالية
Icon