تسميتها : سميت سورة الكوثر لافتتاحها بقول اللَّه تعالى مخاطبا نبيه - ﷺ - : إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي الخير الكثير الدائم في الدنيا والآخرة، ومنه : نهر الكوثر في الجنة.
مناسبتها لما قبلها :
وصف اللَّه الكفار والمنافقين الذين يكذبون بالدين أي بالجزاء الأخروي بأربع صفات : البخل في قوله : يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ وترك الصلاة في قوله : الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. والرياء أو المراءاة في الصلاة في قوله : الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ ومنع الخير والزكاة في قوله : وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ.
وذكر اللَّه تعالى في هذه السورة في مقابلة تلك الصفات الأربع صفات أربعا للنبي - ﷺ -، فذكر أنه أعطاه الكوثر في مقابلة البخل في قوله : إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي الخير الكثير الدائم، فأعط أنت الكثير ولا تبخل، وأمره بالمواظبة على الصلاة : فَصَلِّ أي دم على الصلاة في مقابلة ترك الصلاة، وأمره بالإخلاص في الصلاة في قوله : فَصَلِّ لِرَبِّكَ أي لرضا ربك، لا لمراءاة الناس، في مقابلة المراءاة في الصلاة، وأمره بالتصدق بلحم الأضاحي على الفقراء، في مقابلة منع الماعون «١».
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت هذه السورة المكية الحديث عن مقاصد ثلاثة هي :
١ - بيان فضل اللَّه الكريم وامتنانه على نبيه الرحيم بإعطائه الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومنه نهر الكوثر في الجنة.
٢ - أمر النبي وكذا أمته بالمواظبة على الصلاة، والإخلاص فيها، ونحر الأضاحي شكرا للَّه تعالى.
٣ - بشارة الرسول - ﷺ - بنصره على أعدائه، وبخزيهم وإذلالهم وحقارتهم، بسبب انقطاعهم عن كل خير في الدنيا والآخرة. (١)
مكية على الصحيح، وآياتها ثلاث آيات. وفيها يذكر اللّه أنه أعطى نبيه الخير الكثير ثم يطالبه بالصلاة والصدقة شكرا له على ما أنعم. (٢)
وتسمى كما قال البقاعي سورة النحر. وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل، ونسب في البحر إلى الجمهور، مدنية في قول الحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد، وفي الإتقان أنه الصواب ورجحه النووي عليه الرحمة في شرح صحيح مسلم لما أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في سننه
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٩١٠)