منه عند ذلك وإنما عرضوا عليه ذلك لأنهم رأوا حرصه على أن يؤمنوا فطمعوا أن يستزلوه إلى الاعتراف بإلهية أصنامهم. وعن ابن عباس: فيئسوا منه وآذوه وآذوا أصحابه.
وبهذا يعلم الغرض الذي اشتملت عليه وأنه تأييسهم من أن يوافقهم في شيء مما هم عليه من الكفر بالقول الفصل المؤكد في الحال والاستقبال وأن دين الإسلام لا يخالط شيئا من دين الشرك. (١)
مناسبتها لما قبلها
الكوثر الذي أعطاه اللّه سبحانه وتعالى النبىّ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ كان فى مقابله البتر والحرمان من كل خير لمن يشنأ هذا النبي، الذي وضع اللّه سبحانه وتعالى، الخير كله فى يده.. وهذا مجمل ما تحدثت عنه سورة « الكوثر » وفى سورة « الكافرون » التي تأتى بعد هذه السورة، موقف بين النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ وما أعطاه اللّه سبحانه من خير كثير، يفيض من النبع الأعظم، وهو الإيمان باللّه ـ وبين المشركين الذين عزلوا أنفسهم عن هذا الخير، وحرموا أن ينالوا شيئا منه.. وفى هذا الموقف يعلن النبي عن هذا الخير الذي من اللّه به عليه، وأنه ممسك به، مقيم عليه، لا يصرفه عنه شىء من هذه الدنيا.. فهو لا يعبد غير اللّه سبحانه وتعالى، ولا يتحول عن عبادته أبدا، ولا ينظر إلى شىء وراءه من مال وبنين!!" (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة « الكافرون » تسمى - أيضا - سورة « المقشقشة » أى : المبرئة من الشرك، وسورة « العبادة » وسورة « الدين ».
وهي من السور المكية عند الجمهور، وكان نزولها بعد سورة « الماعون » وقبل سورة « الفيل ».
وقيل : إنها مدنية، وعدد آياتها ست آيات.
٢ - وقد ذكروا في سبب نزولها روايات منها ما ذكره ابن إسحاق عن ابن عباس، أن جماعة من زعماء المشركين أتوا إلى النبي - ﷺ - فقالوا له : هلم فلنعبد إلهك مدة، وأنت تعبد آلهتنا مدة، فيحصل بذلك الصلح بيننا وبينك... فنزلت هذه السورة.
٣ - وقد ذكر الإمام ابن كثير بعض الأحاديث التي تدل على أن النبي - ﷺ - كان يقرأ بها كثيرا في صلاة ركعتي الفجر، ومن ذلك ما أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة، أن رسول اللّه - ﷺ - كان يقرأ سورة « الكافرون » وسورة « قل هو اللّه أحد » في ركعتي الفجر (٣)
(٢) - - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٩٤)
(٣) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٥٢٥)