تعالى ورسوله - ﷺ - في الدنيا، ودخوله نار جهنم لشدة إيذائه النبي - ﷺ - ومعاداته له، وصدّه الناس عن الإيمان به.
وكذلك زوجته شريكة معه في هذا العقاب لأنها كانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فتكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم. (١)
مكية. وآياتها خمس آيات. وفيها ذم أبى لهب وامرأته حمالة الحطب. (٢)
وتسمى سورة المسد، وهي مكية وآيها خمس بلا خلاف في الأمرين. ولما ذكر سبحانه فيما قبل دخول الناس في ملة الإسلام عقبه سبحانه بذكر هلاك بعض ممن لم يدخل فيها وخسرانه.
على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم كذا قيل في وجه الاتصال، وقيل هو من اتصال الوعيد بالوعد وفي كل مسرة له عليه الصلاة والسلام وقال الإمام في ذلك إنه تعالى لما قال لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون : ٦] فكأنه - ﷺ - قال :«إلهي فما جزائي» فقال اللّه تعالى : لك النصر والفتح فقال :«فما جزاء عمي الذي دعاني إلى عبادة الأصنام» فقال : تبت يداه. وقدم الوعد على الوعيد ليكون النصر متصلا بقوله تعالى وَلِيَ دِينِ والوعيد راجعا إلى قوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ على حد يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ [آل عمران : ١٠٦] الآية. فتأمل هذه المجانسة الحاصلة بين هذه السور مع أن سورة النصر من آخر ما نزل بالمدينة، وتبت من أوائل ما نزل بمكة لتعلم أن ترتيبها من اللّه تعالى وبأمره عز وجل ثم قال : ووجه آخر وهو أنه لما قال لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ فكأنه قيل : إلهي ما جزاء المطيع؟ قال : حصول النصر والفتح. ثم قيل : فما جزاء العاصي؟ قال : الخسار في الدنيا والعقاب في العقبى كما دلت عليه سورة تبت انتهى وهو كما ترى. (٣)
سورة المسد مكية، وتسمى سورة اللهب، وسورة تبت، وقد تحدثت عن هلاك " أبي لهب " عدو الله ورسوله، الذي كان شديد العداوة لرسول الله ( - ﷺ - )، ، يترك شغله ويتبع الرسول ( - ﷺ - )، ليفسد عليه دعوته، ويصد الناس عن الأيمان به، وقد توعدته السورة في الآخرة، بنار موقدة يصلاها ويشوى بها، وقرنت زوجته به في ذلك، واختصتها بلون من العذاب شديد، هو حبل من ليف تجذب به في النار، زيادة في التنكيل والدمار. (٤)

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٤٥٣) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٦٠)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٩١٦)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٥ / ٤٩٦)
(٤) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٣٣)


الصفحة التالية
Icon