الجبال، ومطر عن السحاب، وولد عن الأرحام، ومنه : فالِقُ الْإِصْباحِ [الأنعام ٦/ ٩٦]، وفالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى [الأنعام ٦/ ٩٥].
مناسبتها لما قبلها :
لما أبان اللَّه تعالى أمر الألوهية في سورة الإخلاص لتنزيه اللَّه عما لا يليق به في ذاته وصفاته، أبان في هذه السورة وما بعدها وهما المعوذتان ما يستعاذ منه باللَّه من الشر الذي في العالم، ومراتب مخلوقاته الذين يصدون عن توحيد اللَّه، كالمشركين وسائر شياطين الإنس والجن، وقد ابتدأ في هذه السورة بالاستعاذة من شر المخلوقات، وظلمة الليل، والسحرة، والحسّاد، ثم ذكر في سورة الناس الاستعاذة من شر شياطين الإنس والجن لذا سميت السور الثلاثة (الإخلاص وما بعدها) في الحديث بالمعوّذات. وقدمت الفلق على الناس لمناسبة الوزان في اللفظ لفواصل الإخلاص مع مقطع تَبَّتْ.
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت السورة الاستعاذة من شر المخلوقات، وبخاصة ظلمة الليل، والسواحر والنمامين، والحسدة، وهي درس بليغ وتعليم نافع عظيم لحماية الناس بعضهم من بعض بسبب أمراض النفوس، وحمايتهم من شر ذوات السموم، وشر الليل إذا أظلم، لما فيه من مخاوف ومفاجات، وبخاصة في البراري والكهوف. (١)
مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر ورواية كريب عن ابن عباس، مدنية في قول ابن عباس في رواية أبي صالح وقتادة وجماعة وهو الصحيح لأن سبب نزولها سحر اليهود كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى، وهم إنما سحروه عليه الصلاة والسلام بالمدينة كما جاء في الصحاح فلا يلتفت لمن صحح كونها مكية وكذا الكلام في سورة الناس وآيها الخمس بلا خلاف. ولما شرح أمر الإلهية في السورة قبلها جيء بها بعدها شرحا لما يستعاذ منه باللّه تعالى من الشر الذي في مراتب العالم ومراتب مخلوقاته، وهي والسورة التي بعدها نزلتا معا كما في الدلائل للبيهقي فلذلك قرنتا مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوذتين ومن الافتتاح بقل أعوذ. وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهما عنه قال : قال رسول اللّه - ﷺ - :«أنزلت عليّ الليلة آيات لم أر مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس». وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن النبيّ - ﷺ - كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم تمسح بهما ما استطاع