من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات. وجاء في الحديث أن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثا حين يمسي وثلاثا حين يصبح كفته من كل شيء.
وفي فضلهما أخبار كثيرة غير ما ذكر. وعن ابن مسعود أنه أنكر قرآنيتهما. أخرج الإمام أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عنه أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب اللّه تعالى إنما أمر النبيّ - ﷺ - أن يتعوذ بهما. وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما قال البزار : لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي - ﷺ - أنه قرأ بهما في الصلاة
وأثبتتا في المصحف. وأخرج الإمام أحمد والبخاري والنسائي وابن حبان وغيرهم عن زر بن حبيش قال : أتيت المدينة فلقيت أبيّ بن كعب فقلت له : يا أبا المنذر إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه. فقال : أما والذي بعث محمدا - ﷺ - بالحق لقد سألت رسول اللّه - ﷺ - عنهما وما سألني عنهما أحد منذ سألت غيرك. فقال : قيل لي قل فقلت فقولوا فنحن نقول كما قال رسول اللّه - ﷺ -
. وبهذا الاختلاف قدح بعض الملحدين في إعجاز القرآن قال : لو كانت بلاغة ذلك بلغت حد الإعجاز لتميز به غير القرآن فلم يختلف في كونه منه، وأنت تعلم أنه قد وقع الإجماع على قرآنيتهما وقالوا إن إنكار ذلك اليوم كفر، ولعل ابن مسعود رجع عن ذلك وفي شرح المواقف أن اختلاف الصحابة في بعض سور القرآن مروي بالآحاد المفيدة للظن ومجموع القرآن منقول بالتواتر المفيد لليقين الذي يضمحل الظن في مقابلته، فتلك الآحاد مما لا يلتفت إليه ثم إن سلمنا اختلافهم فيما ذكر قلنا إنهم لم يختلفوا في نزوله على النبيّ - ﷺ - ولا في بلوغه في البلاغة حد الإعجاز بل في مجرد كونه من القرآن وكذلك لا يضر فيما نحن بصدده انتهى.
وعكس هذا القول في السورتين المذكورتين قيل في سورتي الخلع والحفد وفي ألفاظهما روايات منها ما يقنت به الحنفية، فقد روي أنهما في مصحف أبيّ بن كعب وفي مصحف ابن عباس وفي مصحف ابن مسعود فهما إن صح أنهما كلام اللّه تعالى منسوخا التلاوة وليسا من القرآن كما لا يخفى. (١)
مقصودها الاعتصام من شركل ما انفلق عنه الخلق الظاهر والباطن، واسمها ظاهر الدلالة على ذلك (٢)
هذه السورة والتي بعدها توجيه من اللّه - سبحانه وتعالى - لنبيه - ﷺ - ابتداء وللمؤمنين من بعده جميعا، للعياذ بكنفه، واللياذ بحماه، من كل مخوف : خاف وظاهر، مجهول ومعلوم، على وجه الإجمال وعلى وجه التفصيل.. وكأنما يفتح اللّه - سبحانه - لهم حماه، ويبسط لهم كنفه، ويقول لهم،
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٦٠٣)