اشتملت سورة المائدة على أحكام تشريعية وثلاث قصص. أما الأحكام :
فهي بيان أحكام العقود ونكاح الكتابيات والوصية عند الموت، والمطعومات من ذبائح وصيود، وصيد الإحرام وجزائه، والطهارة من وضوء وغسل وتيمم، وتحريم الخمر والميسر وجزاء الردة، وحد السرقة وحد الحرابة (قطع الطريق) وكفارة اليمين، وشريعة الجاهلية بتحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وحكم تارك العمل بما أنزل اللّه، ونحو ذلك في أثناء مناقشة ومجادلة النصارى واليهود والمشركين والمنافقين.
قال العلماء : فيها ثمان عشرة فريضة ليست في غيرها وهي : الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ، وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وتمام الطهور : إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ، وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إلى قوله : عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ وما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وقوله تعالى : شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ الآية.
وذكر القرطبي فريضة تاسعة عشرة وهي قوله عز وجل : وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ : ليس للأذان ذكر في القرآن إلا في هذه السورة، أما ما جاء في سورة الجمعة فمخصوص بالجمعة، وهو في هذه السورة عام لجميع الصلوات.
وفي الجملة انفردت سورة المائدة ببيان أصول مهمة في الإسلام هي :
١ - إكمال الدين، وأن دين اللّه واحد، وإن اختلفت شرائع الأنبياء ومناهجهم.
٢ - بيان عموم بعثة النبي - ﷺ - وأمره بالتبليغ العام، وانحصار مهمته بالتبليغ فقط.
٣ - أوجب اللّه على المؤمنين إصلاح نفوسهم، وأنه لا يضرهم إن استقاموا ضلال غيرهم، وطريق الإصلاح الوفاء بالعقود، وتحريم الاعتداء على الآخرين، والتعاون على البر والتقوى وتحريم التعاون على الإثم والعدوان، وتحريم موالاة الكفار، ووجوب الشهادة بالعدل، والحكم بالقسط والمساواة بين المسلمين وغيرهم.
٤ - بيان أحكام المطعومات، وتحريم الخمر والميسر (القمار) والأنصاب والأزلام.
٥ - تفويض أمر الجزاء في الآخرة إلى اللّه وحده، وأن النافع في ذلك اليوم الصدق.
وأما القصص الثلاث الواردة للعبرة والعظة فهي : الأولى - قصة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام إذ قالوا له : فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. والثانية - قصة ابني آدم، حيث قتل قابيل هابيل