سورة الأنفال : سورة مدنيّة تتحدّث عن أحكام تشريع الجهاد في سبيل الله، وقواعد القتال، والإعداد له، وإيثار السّلم على الحرب إذا جنح لها العدوّ في دياره، وآثار الحرب في الأشخاص (الأسرى) والأموال (الغنائم).
وسبب تسميتها بالأنفال واضح، لسؤال الناس عن أحكامها، والمراد بها الغنائم الحربية، فقد ابتدئت السورة بقوله تعالى : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ.
وقد نزلت عقب غزوة بدر الكبرى، أول الغزوات المجيدة التي حقّقت النصر للمسلمين مع قلّتهم على المشركين مع كثرتهم، لذا سمّيت (يوم الفرقان) لأنها فرقت بين الحقّ والباطل.
ومناسبتها لسورة الأعراف :
أنها في بيان حال الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلم مع قومه، وسورة الأعراف مبيّنة لأحوال أشهر الرّسل مع أقوامهم.
ما اشتملت عليه هذه السّورة :
تضمّنت سورة الأنفال أحكاما عديدة في الجهاد والغزوات، أهمّها ما يأتي :
١ - أمر قسمة الغنائم متروك للرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلم، والأحكام مرجعها إلى اللّه تعالى ورسوله لا إلى غيرهما.
٢ - إرادة تحقيق النّصر الإلهي للمؤمنين في معركة بدر، لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وبيان علّة ذلك الحكم في قوله تعالى : وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ، وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ.
٣ - الإمداد الفعلي بالملائكة للمؤمنين يقاتلون معهم : إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ. وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ....
ويفهم من هذين الحكمين أن أحكام اللّه معللة بمراعاة مصالح الناس.
٤ - النّصر الحقيقي من عند الله تعالى : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
٥ - تعليم المؤمنين قواعد القتال الحربية، وخطابهم لترسيخ المعلومات ستّ مرات بوصف الإيمان : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا في بداية الأمر بكل قاعدة أثناء سرد أحداث بدر، وهي تحريم الفرار من المعركة، وطاعة اللّه والرّسول، والاستجابة لله وللرسول إذا دعا إلى ما فيه عزّة الحياة والسعادة، وتحريم الخيانة بنقل أسرار الأمة للأعداء، والأمر بالتقوى التي هي أساس الخير كله، والثبات أمام الأعداء، والصبر عند اللقاء، وذكر الله كثيرا. ومن تلك القواعد كراهة مجادلة الرّسول في الحقّ بعد ما تبيّن، أما قبل تبيّن الحق في المصلحة الحربية فالمجادلة محمودة، إذ بها تتمّ المشاورة المطلوبة في القرآن بين المؤمنين ومع الرّسول.


الصفحة التالية
Icon