في السورة حكاية أقوال ومواقف عديدة للكفار، وردود عليها وتسفيه لهم على باطل تقاليدهم وسخيف عقائدهم وشدة عنادهم ومكابرتهم. وإفحام لهم في سياق الجدل والمناظرة. وفيها لفت نظر الناس إلى آيات اللّه ومظاهر قدرته في الكون وتبشير وإنذار بالآخرة وحسابها وثوابها وعقابها وشرح لأثر الإيمان والكفر في نفوس الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
وبيان لمهمة النبي عليه السلام وطبيعة الرسالة، وتقرير لمسؤولية الناس في الهدى والضلال وتمثيل بما كان بين نوح وقومه وبين موسى وفرعون، وبما كان من مصير البغاة ونجاة المؤمنين وضرب بقوم يونس الذين آمنوا مثلا على ذلك.
والمصحف الذي اعتمدناه يذكر أن الآيات [٤٠ و٩٤ - ٩٦] مدنية، وبعض الروايات تذكر أن من أول السورة إلى رأس الآية الأربعين مكي والباقي مدني.
وقد تكرر مضامين الآيات التي يروي مدنيتها في آيات مكية لا خلاف فيها كما أن هذه الآيات منسجمة مع سياقها السابق واللاحق ولذلك فإننا نتوقف في الروايات ونرجح مكية جميع آيات السورة.
وفصول السورة مترابطة متساوقة مما يلهم أنها نزلت متتابعة حتى تمت. (١)
سورة يونس عليه السّلام مكية وهي مائة وتسع آيات.
تسميتها :
سميت «سورة يونس» لذكر قصة نبي اللّه يونس فيها، وهي قصة مثيرة، سواء بالنسبة لشخصه الذي تعرض لالتقام الحوت له، أو بالنسبة لما اختص به قومه من بين سائر الأمم، برفع اللّه العذاب عنهم حين آمنوا وتابوا بصدق.
موضوعها :
تتميز بالكلام عن الأهداف الكبرى لرسالة القرآن وهي إثبات التوحيد للّه وهدم الشرك، وإثبات النبوة والبعث والمعاد، والدعوة للإيمان بالرسالات السماوية وخاتمتها القرآن العظيم، وهي موضوعات السور المكية عادة.
مناسبتها لما قبلها :
ختمت سورة التوبة السابقة بذكر صفات الرسول - ﷺ -، وبدئت هذه السورة بتبديد الشكوك والأوهام نحو إنزال الوحي على الرسول - ﷺ -، للتبشير والإنذار، وكانت أغلبية آيات السورة المتقدمة في أحوال المنافقين وموقفهم من القرآن، وهذه في أحوال الكفار والمشركين وقولهم في القرآن. فالاتصال بالسورة

(١) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٣ / ٤٤٢)


الصفحة التالية
Icon