المتقدمة واضح، فقد ذكرت أوصاف الرسول - ﷺ - التي تستدعي الإيمان به، ثم ذكر هنا الكتاب الذي أنزل، والنبي الذي أرسل، وأن شأن الضالين التكذيب بالكتب الإلهية.
ويلاحظ أنه لا يشترط وجود تناسب واضح بين السور ولا بين الآيات في ضمن السورة الواحدة، فقد تتعدد الأغراض والانتقال من العقيدة إلى العبادة إلى الأخلاق والأمثال والقصص وأحكام السلوك والمعاملات، وذلك أسلوب خاص بالقرآن لاجتذاب الأنفس حين التلاوة والبعد عن السأم والملل، وقد أصبح هذا الأسلوب هو المرغوب فيه شعبيا كما يظهر في الإقبال على الروايات وأساليب العرض القصصي والتمثيليات، لشد انتباه المشاهدين والقارئين والسامعين، من خلال المفاجآت والاستطرادات وتحليل بعض القضايا الجانبية.
فقد يكون هناك تناسب بين السور، كسور الطواسين وحواميم وسورتي المرسلات والنبأ، وقد يوجد فاصل بينهما كسورتي الهمزة واللهب مع أن موضوعهما واحد. (١)
ما اشتملت عليه السورة :
سورة يونس تتحدث عن الرسالات الإلهية، والألوهية وصفات الإله، والنبوة وقصص بعض الأنبياء، وموقف المشركين من القرآن، والبعث والمعاد.
١ - بدأت السورة بتقرير سنة اللّه في خلقه بإرسال رسول لكل أمة، وختم الرسل بالنبي - ﷺ -، مما لا يستدعي عجب المشركين من بعثته : أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ [٢].
٢ - ثم تحدثت عن إثبات وجود الإله من طريق آثاره في الكون : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.. الآيات. ثم التذكير بمصير الخلائق إليه بالبعث والجزاء : إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً.. وانقسام البشر إلى مؤمنين وكفار وجزاء كل منهم. وإنذار الجاحدين بإهلاك الأمم الظالمة : وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا...
٣ - ثم أوضحت عقائد المشركين وذكرت خمس شبهات لمنكري النبوة والرسالة وناقشتهم نقاشا منطقيا مقنعا، وأثبتت أن القرآن كلام اللّه ومعجزة النبي الخالدة على مر الزمان : وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وأقامت الدليل على كونه من عند اللّه بتحدي المشركين وهم أمراء البيان وأساطين الفصاحة والبلاغة أن يأتوا بسورة من مثله : أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، قُلْ : فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ... وذكرت موقف المشركين من القرآن : وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ....

(١) - انظر تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (١١ / ٥٨)


الصفحة التالية
Icon