ثم ذكر اللّه تعالى قصة هود الذي سميت السورة باسمه، ودعوته قومه «عاد» الأشداء العتاة المتجبرين إلى عبادة اللّه تعالى، فاعترفوا بقوتهم وقالوا :
مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟ فأهلكهم اللّه بريح صرصر عاتية في بحر أسبوع : سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً [الحاقة ٦٩/ ٧] وعبر عن ذلك بأنه عذاب غليظ، بسبب الكفر والجحود بالآيات الإلهية : وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ، وَعَصَوْا رُسُلَهُ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ.. [الآيات : ٥٠ - ٦٠].
ثم ذكر سبحانه قصة صالح مع قومه ثمود [الآيات : ٦١ - ٦٨]. وأشار إلى قصة ضيوف إبراهيم من الملائكة [الآيتان : ٦٩ - ٧٠] ثم قصة «لوط» [الآيات : ٧٠ - ٨٣] ثم قصة شعيب [الآيات : ٨٤ - ٩٥] ثم قصة موسى مع فرعون [الآيات : ٩٦ - ٩٩].
٩ - التعقيب المباشر على ما في تلك القصص من عبر وعظات، بإهلاك الظالمين، كما قال تعالى : ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ، مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ، وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ [الآيات : ١٠٠ - ١١١].
١٠ - الأمر بالاستقامة في الدين [الآية : ١١٢] وهو أمر ثقيل شديد على النفس، يتطلب جهاد النفس، والصبر على أداء الواجبات، وحمايتها من الموبقات المهلكات.
١١ - الطغيان سبيل الدمار، والركون إلى الظلم موجب عذاب النار : وَلا تَطْغَوْا، إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [الآية : ١١٣].
١٢ - الأمر بإقامة الصلاة في أوقاتها ليلا ونهارا لأن الحسنات يذهبن السيئات [الآية : ١١١] والصبر على الطاعة، فإن اللّه لا يضيع أجر المحسنين [الآية : ١١٥].
١٣ - محاربة الفساد في الأرض من أجل حفظ الأمة والأفراد من الهلاك :
فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ [الآية : ١١٦].
١٤ - لا إهلاك ولا عذاب للأمم في حال الإصلاح [الآية : ١١٧].
١٥ - تهديد المعرضين عن دعوة الحق بالعذاب، وجعل العاقبة للمتقين.
ويلاحظ أن التهديد والترغيب أمران متلازمان مفيدان في إصلاح الأفراد والجماعات، وبناء الأمة وتحقيق غلبتها على خصومها، لذا اقترنا غالبا في القرآن.
١٦ - ختمت السورة بما بدئت به من الأمر بعبادة اللّه وحده والاتكال عليه، والتحذير من عقابه : وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، ليتناسق البدء مع الختام. (١)

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (١٢ / ٥)


الصفحة التالية
Icon