سورة هود عليه السلام مكية على القول الصحيح، وعدد آياتها ثلاث وعشرون ومائة.
وقد نزلت بعد سورة يونس ؟ هي في معناها وموضوعها، وفصل فيها ما أجمل في سابقتها، وكلاهما يتناول أصول العقائد، وإعجاز القرآن والكلام على البعث والجزاء والثواب والعقاب، مع ذكر قصص بعض الأنبياء بالتفصيل ألا ترى أن المناسبة بينهما ظاهرة ؟ ! وروى الترمذي عن ابن عباس قال : قال أبو بكر - رضى اللّه عنه - : يا رسول اللّه : قد شبت! قال :« شيّبتنى هود، والواقعة، والمرسلات، وعمّ يتساءلون، وإذا الشّمس كوّرت »
، ولا غرابة ففي تلاوة هذه السورة ما يكشف سلطان اللّه وبطشه مما تذهل منه النفوس، وتضطرب له القلوب وتشيب منه الرءوس.
وذلك حينما نقف على أخبار الأمم الماضية، وما حل بها من عاجل بأس اللّه، وقيل : إن الذي شيبه من سورة هود قوله تعالى : فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ. (١)
وهى مكية كالتى قبلها، وعدد آيها ثلاث وعشرون ومائة، نزلت بعد سورة يونس، وتصمنت ما تضمنته تلك من أصول الإسلام، وهى التوحيد والنبوة والبعث والحساب والجزاء.
وفصّل فيها ما أجمل فى سابقتها من قصص الرسل عليهم السلام وهى مناسبة لها فى فاتحتها وخاتمتها وتفصيل الدعوة فى أثنائها، فقد افتتحتا بذكر القرآن بعد (الر) وذكر رسالة النبي المبلغ عن ربه، وبيان أن وظيفة الرسول إنما هى التبشير والإنذار وفى أثنائهما ذكر التحدي بالقرآن والرد على الذين زعموا أن الرسول - ﷺ - قد افتراه، ومحاجّة المشركين فى أصول الدين، وختمتا بخطاب الناس بالدعوة إلى ما جاء به الرسول - ﷺ -، ثم أمر الرسول - ﷺ - فى الأولى بالصبر حتى يحكم اللّه بينه وبين الكافرين، وفى الثانية بانتظار هذا الحكم منه تعالى مع الاستقامة على عبادته والتوكل عليه.
وجه اتصالها بسورة يونس عليه السلام أنه ذكر في سورة يونس قصة نوح عليه السلام مختصرة جدا محملة فشرحت في هذه السورة وبسطت فيها ما لم تبسط في غيرها من السور ولا سورة الأعراف على طولها ولا سورة إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً [نوح : ١] التي أفردت لقصته فكانت هذه السورة شرحا لما أجمل في تلك السورة وبسطا له ثم إن مطلعها شديد الارتباط بمطلع تلك فإن قوله تعالى هنا : الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ [هود : ١] نظير قوله سبحانه هناك : الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [يونس : ١] بل بين مطلع هذه وختام تلك شدة ارتباط أيضا حيث ختمت بنفي الشرك واتباع الوحي وافتتحت هذه ببيان الوحي