والتحذير من الشرك، وورد في فضلها ما ورد، فقد أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله والبيهقي في شعب الإيمان. وغيرهم عن كعب قال :«قال رسول اللّه - ﷺ - اقرؤوا هودا يوم الجمعة».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس قال :«قال أبو بكر رضي اللّه تعالى عنه : يا رسول اللّه قد شبت قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت».
وأخرج ابن عساكر من طريق يزيد الرقاشي عن أنس عن الصديق رضي اللّه تعالى عنه أنه قال :«يا رسول اللّه أسرع إليك الشيب قال : أجل شيبتني سورة هود وأخواتها الواقعة والقارعة والحاقة وإذا الشمس كورت وسأل سائل».
وقد جاء في بعض الروايات أيضا أن عمر رضي اللّه تعالى عنه قال له عليه الصلاة والسلام : أسرع إليك الشيب يا رسول اللّه فأجابه بنحو ما ذكر إلا أنه ذكر من الأخوات الواقعة، وعم، وإذا الشمس كورت، وفي رواية أخرى عن سعد بن أبي وقاص قال : قلت يا رسول اللّه لقد شبت فقال : شيبتني هود والواقعة إلى آخر ما في خبر عمر، وفي بعضها الاقتصار على «شيبتني هود وأخواتها»، وفي بعض آخر بزيادة «وما فعل بالأمم من قبلي» وقد أخرج ذلك ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي اللّه تعالى عنهما مرفوعا.
وأخرج ابن مردويه وغيره عن عمران بن حصين «أن رسول اللّه - ﷺ - قال له أصحابه : أسرع إليك الشيب فقال : شيبتني هود وأخواتها من المفصل والواقعة»
وكل ذلك يدل على خطرها وعظم ما اشتملت عليه وأشارت إليه وهو الذي صار سببا لإسراع الشيب إليه - ﷺ -، وفسره بعضهم بذكر يوم القيامة وقصص الأمم ويشهد له بعض الآثار.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي علي الشتري قال : رأيت النبي - ﷺ - في المنام : فقلت يا رسول اللّه روي عنك أنك قلت :«شيبتني هود» قال : نعم. فقلت : ما الذي شيبك منها قصص الأنبياء عليهم السلام وهلاك الأمم؟ قال : لا ولكن قوله تعالى : فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ [هود : ١١٢] وهذا هو الذي اعتمد عليه بعض السادة الصوفية قدس اللّه تعالى أسرارهم وبينه بما بينه، والحق أن الذي شيبه - ﷺ - ما تضمنته هذه السورة أعم من هذا الأمر وغيره ما عظم أمره على رسول اللّه - ﷺ - بمقتضى علمه الجليل ومقامه الرفيع، وهذا هو المنقدح لذهن السامع ولذلك لم يسأله - ﷺ - أصحابه عما شيبه منها ومن أخواتها بل اكتفوا بما يتبادر من أمثال ذلك الكلام.
ودعوى أن المتبادر لهم رضي اللّه تعالى عنهم ما خفي على أبي علي فلذلك لم يسألوا على تقدير تسليمها يبقى أنهم لم يسألوا عما شيبه عليه الصلاة والسلام من الأخوات مع أنه ليس فيها إلا ذكر يوم القيامة


الصفحة التالية
Icon